شو هالنكتة!
لوحظ منذ بداية الحَراك الشعبي كثرة إطلاق وتداول النكات السياسية، وأنها تتوالد بجميع اشكالها: كتابة وصورة وكاريكاتيراً وتسجيلاً صوتياً وفيديو، وتتناول الأشخاص والمواضيع كافة، وتتنوع بين النكتة الجارحة والنكتة الهادفة، وهذا بديهي في بلد تتحول فيه الفضيحة والمأساة الى نكتة.
تُعدّ النكتة السياسية نتاجاً اجتماعيا ثقافياً سياسياً، وهي «تقنية شعبية» يستعملها الناس للتعبير عن معاناتهم واحتياجاتهم وآلامهم، وأحلامهم وطموحاتهم وآرائهم.
وبالرغم من أن النكات تهدف في الغالب إلى الإضحاك والترفيه، إلا أن هناك نكاتاً تمزج الشأن السياسي بالاجتماعي أو الديني، وبهذا تتعدى مهمتها في الإضحاك إلى كونها وسيلة التعبير الشعبية الأكثر حرية وديمقراطية، والمتنفس للناس، والمجسّ والمؤشر لنبض الشارع في مجالات ذات صلة بالأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
كذلك تُستعمل النكتة السياسية ضمن «حروب الزكزكة» ونشر الشائعات بين الأفرقاء المتصارعين، وتنحو إلى التشويه والقدح والذم، وعادة ما تتصف بالذكاء اللمّاح والإصابة في صميم الهدف.
وتحمل النكتة السياسية في مضامينها نقداً وتعبيراً عن أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية تعكس مكنونات الأفراد الداخلية التي لا يتمكنون من التعبير عنها علناً، وباتت علما يُدرّس وله أبحاث دقيقة تقيس نبض الشارع، وتخرج بالنتائج والتوصيات تبعا لذلك.
إن زخم الأحداث وتكاثر الأزمات كلها عوامل تولد في المجتمع بيئة خصبة للنكات الساخرة التي تنتشر أو تضيق وفقاً للانفتاح السياسي من جهة، أو الكبت والتضييق من جهة أخرى.
وتلعب وسائل الاتصال الحديثة دوراً مباشراً في سهولة وسرعة انتقال المعلومة بشكل عام، ولهذا استخدمت كوسيلة فعّالة سهّلت تبادل النكات بين الأفراد.
يبقى أن سياسيي لبنان، بحكم تركيبتهم وتصرفاتهم، وأقوالهم وأفعالهم، يُساهمون في رفد فيض النكات السياسية ودفقها، وهم لولبها والمصدر الأساس لها، وهم حديث الناس ومصدر تندرهم و«فشّ خلقهم» وثورتهم عليهم والتعليق عليهم بمقولة «شو هالنكتة»!
عبد الفتاح خطاب