عندما يتجافى عشيقان…!
أصبحت العلاقة بين “تل أبيب” و”واشنطن” بعد قرار أرفعِ سلطةٍ سياسية وأمنية في العالم أيْ مجلس الأمن الدوليّ بوقفٍ فوريّ لإطلاق النّار في غزّة، بحاجة إلى إعادة ضخّ حياةٍ مركّبة من هنا وهناك وإلى تنفّسٍ إصطناعيّ، ولا نظنّ أنّ أيّ دولة أخرى ستقدّم هذا الإسعاف الأوليّ، لأنّ هاتين الدّولتَيْن عندما كانتا ملتحمتَيْن في السرّاء والضرّاء لم تكن أيّ دولة أخرى تجرؤ على النّظر إليْهما حتّى. وكما يقول المثل الشائع: “مؤخّرتان في لباسٍ واحد”! تزعزع العلاقة بين الدّولتَيْن يأتي على أثر عدم تحريك أميركا حق الفيتو لصالح طفلتها الساديّة لاجتياح “رفح”.
لماذا هذا التباعد بين إسرائيل وأميركا الذي بدأ يتصاعد منذ بدء الحرب على قطاع غزّة؟
الإجابة المُحتَمَلَة هي أنّ هذا الجفاء والهجران السياسيّين ليسا فقط بسبب الانتخابات النيابيّة التي باتت في خطر بسبب امعان “هيرودس” القرن الحادي والعشرين بسفك الدّماء البريئة وبالتالي تشويه الصورة الانتخابية الأميركيّة، فهذه الأخيرة ومع صهاينة العالم اعتادوا أن يجعلوا الأسود أبيضَ، ولكن هناك قطبة مخفيّة والأرجح هي توجّه عدد من الدّول نحو استخدام تكنولوجيا أسلحة لم يسبق لها مثيل في عمليّات غير مسبوقة قد سبقت قدرات الولايات المتّحدة التقنية/التكنولوجيّة. وفي هذه الحال، إذا ما توسّعت هذه الحرب لغاية أو لأخرى، لاسيّما أنّ روسيا أيضًا أصبحت ضالعةً وبقوّة في ما يجري من زعزعة أمنية وسياسية في أوروبا والشرق، ومعها حلفاء مرتزقة، ستنزلق أميركا في حرب كانت لاطالما تتجنّبها لأنّ قدراتها متخلّفة عن نظيراتها، في حينٍ أنّ دولاً أخرى لا تعلن عن خفايا صناعتها العسكرية ولا تلتزم بالمعايير الدولية لصناعة الأسلحة.
توازيًا، لازالت الإستفزازات الاسرائيليّة مستمرّة لاجتياح “رفح” فيما التّحذيرات الأميركية لنتنياهو تتوالى ومفادها أنّ الإعتداء على رفح سيُضعفُ من قوّة “اسرائيل” ويجعلها دولة مفتوحة على احتمالات متعدّدة. وبالتّالي، لا شيء يلزم اسرائيل بتطبيق قرار أمميّ بوقف إطلاق النّار، وهي على مدى نشأتها لم تطبّق أي قرار إنساني، على اعتبار أنّ شعبها مختار من الله ومترفّع على كافة شعوب الأرض. فماذا ستكون نتيجة هذا الجفاء بين عشيقَيْن تلاعبا لعقود وعقود بمصائر شعوب الأرض؟
إدمون بو داغر