عودي يا صديقتي وامحقيها محقًا!
بعيدًا عن الحرب بل الحروب المتنقّلة وسياستِها الحاقدة والماكرة، وبعيدًا عن تهنئة دونالد ترامب ببلوغ رئاسة جمهوريّة الولايات المتّحدة الأميركية وعن التّطبيل والتّزمير له لأنّه مساوٍ لِمَن سبقوه من الرّؤساء وخاضع للعقوبة نفسها في آخر الزّمان.
إنّنا أمامَ حربٍ وجوديّة مدمّرة وهي الحرب الطّبيعية والبيئية التي إمّا تغاضى أو تواطأ ضدّها إنسان اليوم عنوانُ الإنحطاط والحقارة والخَسَاسة والخنوع والدّناءة والرّذالة والسّفالة واللّؤم والهمجيّة والوضاعة والسّفالة، ومهما تبحّرنا بمرادفات النّذالة، نبقى مقصّرين بحقّ معظم هذا الجنس البشريّ السّافل والحقود ضّد جذوره، ضدّ غاباتٍ ووديانٍ وهضابٍ وتلالٍ وواحاتٍ وحدائق وسهول الأرض، أيْ ضدّ يابسةٍ أو تربةٍ أنبتت له فيضًا وفيرًا، غير أنّه أحرقَها أو قضَمَها أو حوَّلها حصًا أوطحلاً أو رملاً لمساحاته المعمارية ولرخائه الخاص والرّخيص ولمنتجعاته التي استخدمها لفجوره والزّنى والبغاء وتفريغ شهواته ولتجارة العقارات والعمارات الفاخرة والمتوحّشة والتي جرّدت معظمَ البشر من الأصالة… لتسقط جميعها ولتترمّد ولتَستعد الطبيعة مساحاتِها الطّبيعية. هيا يا صديقتي واهتزّي انتفاضًا لحقوقك!
إنّه الحقود ضدّ جذوره، ضدّ محيطاتٍ وبحارٍ وبحيرات وأحواضٍ ومستنقعاتٍ وبركٍ طبيعية وأنهارٍ وسواقٍ، أيْ ضدّ المسطّحات المائية التي بدونها لكان نشّف لحمه وجلده وطقطقت حناجر هؤلاء الفجّار المستكبرين والعاصين. لتفض المحيطات والبحار على كافّة العقارات التي اعتدت على حدود الشواطئ، على المياه عصب الحياة، ولتغمرها انتقامًا لحقوق الطبيعة المُستَمَدة من يد الخالق وجبروته. ليسقط كلّ مبنىً أو موقع أو مطار أو موقع بُني على أنقاضٍ طبيعية خلاّقة، على أنقاضِ حقوقِ الطّبيعة موهبةِ الخالق، ولتبتلعها المياه ابتلاعًا.
إنّه الحقود ضدّ جذوره، ضدّ الهواء والرّيح والمناخ والنّسيم والجو الذي تتمايل فيه زفرات النّسيم، أيْ ضدّ رياح الجهات الأربع، ضدّ عصب الحياة، الذي لولاه لكان هذا الإنسان الحقود اختق منذ زمن، والإختناق بات قريبًا بسبب سموم البشرية المنبعثة في السّماوات والفلوات. لتهبّ أعاصير الجهات الأربع وتُخفي كلّ أثر لأعمال هذا الإنسان الجزّار.
عودي يا صديقتي إلى الحياة، فأنت الحياة! انتفضي على الأيادي الحاقدة والماكرة، بل اقطعيها ودوسيها بل اقطعي أعناق محرّكيها، فبدونك لا حياة ولا إيمان ولا روحانية ولا عاطفة ولا علاقة مع الله. أحرقي اليباس، أعصفي وأزيلي إنسانيّة الوباء، إمحقيها محقًا!
إدمون بو داغر