فصل جديد من حياة وطن!
في وقت يتضوّر المواطن جوعا، أكدت لنا مصادر اميركية ان مساعدات غذائية بمئات الملايين من الدولارات اوقفت لأن الوزراء المعنيين لم يضمنوا الشفافية المطلوبة للتسليم. لا نعني بالضرورة ان هؤلاء فاسدون، وقد يكونوا بكل بساطة أضعف من محاربة “المُرابين” الرسميين، لكنهم يؤكدون ان دولتنا العلية ساقطة وغير قادرة حتى على لعب دور صندوق بريد لإيصال مساعدات الى شعبها. فكيف بالحري بالنسبة الى البطاقة التموينية وغيرها من المشاريع الهمايونية التي يبتكرونها نظريا على مدار الساعة؟!
لا يجوز ان تمنعنا الأزمة الخانقة من التفكير بما يجب ان يكون، والاكتفاء بالبحث عن أفضل الممكن. لدينا ما يكفي من قدرات لإيجاد سبل الخروج من الأزمة والمضي قدما بإعادة بناء وطن، بعيدا عن الإحباط، والاستسلام، والبكاء على الأطلال.
لبنان الرفاهية والبزخ واللامبالاة الذي عرفناه منذ الطائف حتى اليوم ولّى، وبدأنا فصلا جديدا من حياة وطن. ولنقلها بصراحة: ما عشناه من ترف كان مزيفا وليس مبنيا على أسس اجتماعية واقتصادية سليمة وقابلة للعيش، لذا علينا ان نقول “لا ندم على الذي فات، عشنا ما عشناه وعلينا تأسيس لمرحلة جديدة أصحّ وأكثر استدامة”..
مشروع تأسيسي!
التأسيس الحديث لا يبدأ بانتخابات تغيّر الاشخاص. فالجديد سيلحق القديم في بلد الشخصانية المفرطة، والاتكالية، والزبائنية، و”عبادة الزعيم”. لذا ما يجب ان يكون هو بناء مواطن حقيقي قبل تغيير السلطات او حتى النظام. هذا ما لم يفهمه بعد من يحاول انقاذ لبنان من فرنسيين واميركيين واوروبيين وغيرهم.
صحيح ان الوقت يداهمنا ولا مجال لدينا لبناء مواطنية حقيقية كاملة، لكن من المفترض ان يبدأ من يتغنّى بالتغيير بطرح مشروع تأسيسي. لكنهم يكتفون بانتقاد الذين سبقوا على اساس “جرّبوني انا أفضل”، علما ان الذين يحكموننا رفعوا الشعار نفسه، ولم نعد نؤمن بالوعود.
جوزف مكرزل