في حرب الجبابرة احفظ رأسك!
نجحت الصين حيث فشلت الدول العظمى. لم يكن التطبيع الدبلوماسي بين إيران والسعودية في الحسبان، لا غربا ولا شرقا. صحيح أن مبادرة باريس تمكنت من كسر الجليد بجمع الفريقين في بغداد وعمّان، لكنها لم تؤد إلى أي اتفاق، في وقت توصلت الصين إلى تقارب جدّي بين العدوّين اللدودين.
مذكرة التفاهم التي أبرمت لا تعني بالضرورة أن التصالح حصل والتطبيع أنجز، فالطريق لا تزال طويلة والعراقيل كثيرة. هناك العديد من الملفات الخلافية التي تستوجب جهودا دبلوماسية كبيرة لحلها، من بينها اليمن وسوريا ولبنان، لكن مصلحة البلدين العليا تحتم عليهما ايجاد حلول ترضي الجميع، انطلاقا من مبدأ: لا غالب ولا مغلوب على الطريقة اللبنانية.
ما قد يكون أهم من تلاقي السعودي الايراني، دخول الصين بشكل مباشر كلاعب أساسي وفعّال في الشطر العربي من الخليج الفارسي، منافسا الجبار الأميركي في ما يعتبره ملعبه الحصري. هذا علما ان بكين وطهران دخلتا مباشرة في الحرب الاوكرانية الى جانب روسيا ضدّ التحالف الغربي. هي مرحلة جديدة من كباش أممي في المنطقة.. وفي حرب الجبابرة، احفظ رأسك.
بداية النهاية أم بداية البداية؟!
لم يكن ملف لبنان مباشرة على طاولة الحوار الخليجي، لكنه كان حاضرا في اللقاءات التي حصلت في عواصم الغرب، حيث التقى مسؤولون سعوديون من جهة وايرانيون من جهة أخرى نظراءهم الغربيين ووضعوهم في أجواء التفاهم. لا ندري ماذا دار من حديث في عواصم العالم، لكننا نؤكد ان لبنان حضر أثناء اللقاء الذي جمع وزير خارجية السعودية مع نظيرته الفرنسية، كما السفير دوكين المعني مباشرة بالقضية اللبنانية. وبحسب ما علمنا لم يطرأ أي تغيير على الموقف السعودي الذي لا يزال كما كان قبل الاتفاق مع إيران.
قد يشكل التقارب السعودي الايراني بداية نهاية الحرب في الشرق الأوسط، كما من الممكن أن تبدأ أزمة جديدة بطلتها اسرائيل التي تراهن على التطبيع مع الخليج العربي في مواجهة الخليج الفارسي. ولم يخف الرئيس الأميركي رأيه عندما سُئل عن الاتفاق السعودي الإيراني بالقول “إنه من الأفضل أن تكون العلاقات جيدة بين إسرائيل وجيرانها”. كمن يعتبر ان الاتفاق الجديد خطرا.
أما في لبنان، فالتطاوس سيد الموقف، وكل فريق يعتبر أنه المستفيد من الاتفاق الخليجي الذي “سيسمح له بالهيمنة على اخصامه”. والشعب وحده المغلوب على أمره!
جوزف مكرزل