“قُمّة” الحكّام وغاز الميتان!
تمّت المُصالحة وعودة الإبنة الضّالة و”الدّاشرة” سوريا الأسد إلى أحضان “الأمّ العربيّة”، وقد غَفَرَت لها هذه الأخيرة خطاياها. وأيّ خطايا رهيبة هي التي ارتَكَبَتْها! هَدَرَت دماءَ أهلِها داخلَ سجونها الكالحة بعد تعذيبٍ مرير أدمى قلوبَ نسائها ورجالها.
إنّ مصالحُ الكبار وتسوياتهم على حساب أرواحٍ زُهِقَت وأعراضٍ هُتِكَت ودماءٍ سُفكت وأعضاءٍ توجِرَ بها. ولكن ممّا لا شكّ فيه أنّ “وراءَ الأكَمَة ما وراءَها”، وعودة الإبنة “الدّاشرة” إلى الجامعة العربيّة تحملُ لغزًا، غيرَ أنّه لا مجال للتّفكير في أنّ المُعادَلَة الإيمانيّة تبدّلت، وأنّ الشرَ سيغلبُ الخير يومًا، بل العكس، فبشّار ومن شكاله من الأشرار سينالون أبشع العقوبات عاجلاً أم آجلاً، والشرّ سيُكبَّل في الجحيم- النّار الأبديّة “حيث البكاء وصريف الأسنان”.
والسّؤال الذي يُلقي بثقله اليوم هو: بعد هذه “القُمَّة” العربيّة (ونعني ما نقوله) ما المنحى الذي سيأخذه المشهد السياسيّ اللبنانيّ في القريب المنظور؟
ما يمكن تأكيده اليوم وبحسب مصادر دوليّة متعدّدة، أنّ عودة السوريّين النازحين في لبنان إلى سوريا باتت أسهل وأقرب إلى التّحقيق، وهذا ما دَفَعَ بالعديد منهم إلى الهُرُوع إلى عدد من منظّمات الأمم المتّحدة يتوسّلونها لنقلهم إلى دولة أخرى غير لبنان… وبالتّالي ظهر “خوف ورعب” في أوساط النّازحين السوريّين وبخاصّة على أثر مشاركة الجزّار بشّار الأسد في “قُمّة” الحكّام وغاز الميتان!
أمّا المنحى الآخر من المشهد السياسيّ في لبنان والذي لا يزال يشوبه الغموض، فهو الإتّجاه الذي ستتّخذه السياسة المحليّة اللبنانيّة المرتبطة بالتغيرّات السياسيّة الإقليميّة والدوليّة. فهل سيرتدي لبنان العباءة الإيرانيّة والسعوديّة والبزّة السوريّة معًا؟ أم واحدة دون الأخرى؟ مَن هي الدّول أو الدّولة التي سترعى هذه النّقلة النوعيّة من المشهد السياسيّ اللبنانيّ؟
وفي النهاية أمام رائحة الغاز يتخدّر أكبر زعيم أو حاكم ومعه تتخدّر المبادىء والقيَم الإنسانية!
إدمون بو داغر