لا تبتهجوا للعقوبات!
كنّا نتمنّى أن تأتي المحاسبة، والمحاكمة، العقوبات على جميع المسؤولين الفاسدين، من قصور العدل اللبنانية، بدل من أن يحلّ حكم من بلد أجنبي أُبرم من دون إعطاء المتّهم حق الدفاع عن نفسه. فمهما عظُم شأن الحاكم الخارجي، ومهما افتقد بلدنا الى المساءلة والمحاسبة، ومهما اعتبرنا أن موقع مسؤولينا الحقيقي هو في السجون اللبنانية “كلّن يعني كلّن”، لا يمكننا التصفيق لمثل هذا القرار التوتاليتاري الذي يضعنا جميعاً في خانة التخلّف والرضوخ إلى مشيئة “الأعظم أمميا “، فهذا يمسّ بكرامتنا الوطنية في آخر المطاف. أما بالنسبة إلى لجوء باسيل إلى القضاء الأميركي لتبييض صفحته، ففي الأمر مخاطرة كبرى كونه يفتح باب التحقيق واسعا ما قد ينقلب عليه ويكشف المستور…
عذراً ممن ابتهج للقرار الأميركي انطلاقا من حسابات داخلية، لكنكم لا تدرون أن دوركم سيأتي لأنكم قبلتم سلفاً بأحقية واشنطن باتهامكم ومعاقبتكم دون محاكمة. خصوصا أنكم كلّكم فاسدون كل على مستواه. أما الذي يعتبر اليوم انه اشترى ابراءه من خلال الرضوخ لمطالب اميركا، فالرهان خاطئ لأن دفتر الحسابات لن يقفل بالقريب العاجل. يبقى السؤال: هل صدفة أن تسقط العقوبات على السياسيين اللبنانيين كلما اقتربنا من التشكيل؟
تغيير النهج الأميركي!
من الواضح أن للعقوبات، بمضمونها وتوقيتها، أبعاداً سياسيةً ترتبط مباشرة بالاستراتيجية الأميركية في شتى المجالات. ولا نستبعد أن تكون إحدى الدوافع منع فرنسا من تحقيق “انتصارا” يجعلها لاعباً أساسيا في المنطقة. فواشنطن لا تريد مشاطرة لبنان مع أحد، لكن من الممكن أن يتغيّر النهج مع دخول بايدن البيت الأبيض لأنه أكثر انفتاحا نحو أوروبا، ويهدف الى إيجاد حلول للعديد من الأزمات، ومن بينها الخلاف مع إيران. فإن حصل التقارب مع بلاد الفرس في المستقبل القريب من المفترض أن تتغير بعض المعطيات، وربما تنقلب رأسا على عقب.
جوزف مكرزل