لبنان الميلاد والميعاد!
رغم فرح العيد الذي لا ينتفي، اتانا الميلاد هذا العام مصطحبا معه لمسة مرارة. مرارة وطن مريض ومواطن قلق يتألّم. كثيرون قرروا الغاء شجرة الميلاد، ربما حدادا على ما كان ولم يعد. وغيرهم من اعتبر ان لا شيء يجب ان يحجب الأمل، لأنه الرجاء الوحيد الذي يسمح بالنهوض واعادة بناء وطن لم ولن يموت.
املنا ورجاؤنا ليسا عبثيين، لبنان ليس جثة هامدة، هناك دم ينبض بعروقه، وهذا الدم هم اللبنانيون الذين لا يزالون يؤمنون به ومستعدون لخوض المخاطر الجمّة من اجله. وقد يكون بقاؤنا على ارضه هي المخاطرة الاكبر، لكنها بالوقت نفسه الوسيلة الوحيدة ليبقى قلبه ينبض. حتى الذين غادروه قسرا لا يزالوا يرجون عودته، وعودتهم، لأن لبنان راسخ في وجدانهم وروحهم لا محال، ومن الصعب اقتلاعه دون تلف جزء من ذاتهم قد يكون الأهم: انه الجذور، ارض الميلاد والميعاد.
كي يبقى الانسان انسانا!
ما نقوله نابع من العقل حتى ولو لا يخلو من العاطفة. فالعاطفة، كما الوجدان، اساسيان كي يبقى الانسان انسانا، خصوصا في حالة الهلع التي نعيش، حيث غالبا ما تطغى الغريزة على الفكر، والسطحية على الجوهر.
لو كان لبنان ميؤوسا من امره لما تعاطف العالم بأسره معه، ولكان الجميع تركوه يغرق في مصائبه وصولا الى نهاية كيانه. لكنهم لم يفعلوا بل استمروا بدعمنا رغم تخاذلنا ونكران سياسيينا للوعود التي قطعوها. ونعدكم ان الدول الصديقة، وعلى رأسها فرنسا، ستبقى على اصرارها ابقاء لبنان حيا بانتظار يوم قيامته. هذه القيامة التي لن تحصل الاّ على وقع ثورة ابنائه. وستحصل حتما، مهما طال الزمن، علينا فقط ان نستمر في ايماننا بلبنان الحلم كما لا يزال يؤمن به من يعلم ان بناء وطن نهائي عملية طويلة وشاقة. كيف بالحري ان كثرت الدول التي تحاول تكبيل يديه، للمحافظة على وصايتها.
جوزف مكرزل