لبنان مساحة جغرافيّة مستباحة.. إلى متى؟!
إنتَقَدَ جميعُ “نوّاب الأمّة” (مع التحفّظ الشّديد) خلال مناقشة البيان الوزاريّ الفساد، فاحتلَّ هذا الأخيرُ حنايا المجلس النّيابيّ، وتجاهلوا مرابضَه ومصنّعَه. والغريب والمُستهجَن، أنّه بعد حفلةِ النّثرِ الإنتقاديّة ضدّ الفساد بالأرقام والتّواريخ، مع عدم ذكر أسماء المُفسدين، مَنَح مُعظمُ النّواب ثقتَهم للحكومة القديمة الجديدة، بل لحكومة الدّوران في حَلَقات مُفرغة.
لن ندخلَ في مضمون البيان الوزاريّ، لأنّه نُسخةٌ طبقَ الأصل مع بعض الإضافات والتّعديلات عن البيانات الوزاريّة السّالفة، لكن لا بدّ من التّنويه إلى الخلافات المُتَرْجمة بالنّعوت الدّونيّة في مجلس النوّاب خلال جلسة مناقشة البيان الوزاريّ؛ فالإتّهامات بالعمالة لإسرائيل ليست في مكانها، لأنّه خلال الحرب اللّبنانيّة، حتّى الأحزاب اليساريّة تعاملت مع إسرائيل للتموّن بالسّلاح الحربيّ.
في المحصّلة، لا وجودَ للدّولة ولا شرعيّة لمؤسّساتها، والمشاريع الحياتيّة والإنمائيّة غائبة، لأنّ هذه الأخيرة هي التي ترفعُ مستوى الدّولة الإقتصــاديّ والصّنــاعيّ والإجتماعيّ والبيئيّ والرّفاهيّ، إلى مرتبة الدّول الصّناعيّة والحضاريّة، وأبرز هذه المشاريع وأهمّها:
أوّلًا، عودة النّازحين إلى بلادهم وليْس طواعيّة أو بقرار ذاتيّ، معالجة مسألة المياه بعلميّة متفوّقة، تصميم الإنتاج – الزّراعة والصّناعة، تنظيم الشّعب، التّنظيم المُدُنيّ بهدف الحفاظ على المساحات الخضراء وتحجيم التّمدّد العشوائيّ، إيقاف معظم كسّارات لبنان، تنظيم المصارف، تنظيم التّجارة (تصديراً وإستيراداً، علمًا أنّ الإستيراد يفوق أضعاف التّصدير في لبنان المترهّل)، تصميم وتنظيم السّياحة، تنظيم المواصلات والنّقل العام أو المشترك وخلق سكّة حديد تحت الأرض أو فوقها وبأيّ ثمن، تنظيم استخراج النّفط، إرساء اللاّمركزيّة الإداريّة، إنشاء بنك أدمغة من خلال إنشاء مراكز أبحاث مموّلة من الدّولة اللّبنانيّة، دعم الصّحافة الورقيّة وغيرها من المشاريع التي يصعبُ حصرها… وعندها نعترف بدولة اسمها “الجمهوريّة اللّبنانيّة البرلمانيّة-الدّيمقراطيّة، وما عدا ذلك، بالنّسبة لي ولكثيرين، يبقى لبنان مساحة جغرافيّة مستباحة.
إدمون بو داغر