ماذا يعني أن تكون لبنانياً الآن؟!
أن تكون لبنانياً يعني أن تعيش تحت رحمة نظام طائفي مذهبي مناطقي عشائري، يُحدّد هويتك وخط سيرك، ويجعلك مرتهناً مدى الحياة «للواسطة» والمحسوبيات.
أن تكون لبنانياً، يعني أن يبقى وطنك الصغير عرضة دائماً للقلاقل والنزاع والسجالات والأزمات والصراعات الإقليمية والدولية والحروب والمِحن.
أن تكون لبنانياً، يعني أن تخاف على مستقبل أولادك وأن تستعد لأن تخسرهم إلى الهجرة، وأن تبقى قلقاً خائفاً على مصير عملك، وأن تصل إلى مرحلة الشيخوخة والمرض دون أي ضمانات أو مساعدات اجتماعية.
أن تكون لبنانياً، يعني أن تتعرض طوال حياتك لتجارب عدم انتظام التيار الكهربائي وعدم وصول المياه وانقطاعها، وأن تشتري المواد الغذائية منتهية الصلاحية، وأن تتناول أدوية فاسدة ومزوّرة، وأن تعيش فوق أرض تُدفن فيها النفايات السامة وتقطع فيها الأشجار، وأن تسبح على شاطىء ملوث بالنفايات وبُقع النفط.
أن تكون لبنانياً معناها أن تدفع رسوم المعاملات الإدارية والمالية الحكومية مع الاضطرار صاغراً ومبتسماً، لدفع خُوّة ورشوة (إكرامية) إضافية، وأن تدفع مرّتين مقابل كل خدمة، فاتورة مؤسسة الكهرباء واشتراك المولد الكهربائي، وفاتورة مصلحة المياه وثمن قوارير مياه الشرب وصهريج مياه الخدمة، وهكذا…
أن تكون لبنانياً، هو أن تعيش تحت رحمة وجشع الاحتكار والمستشفيات والتجار ووكلاء الأدوية والمصارف والمدارس ومستوردي المحروقات وغيرهم، دون أي حماية أو رادع قانوني أو أخلاقي.
أن تكون لبنانياً، يعني أن يقودك ويحكمك ويتحكم بك مسؤولون أنانيون عديمي الضمير والوطنيّة والأخلاق، ينهشون وعوائلهم وأنسباؤهم ومناصريهم خيرات الوطن، ويسرقون جنى عمرك جهاراً ظهاراً ويحوّلونك إلى فقير متسوّل بين ليلة وضحاها، بل ويفجّرونك ومنزلك دون أن يرفّ لهم جفن!
عبد الفتاح خطاب