“ما ماتَ حقٌّ وراءه مُطالب”!
12 كانون الأوّل 2005، ذكرى انتصار الحقّ والحريّة على الباطل. مذ ذاك التّاريخ، لم تصمتْ أصواتُ الحقّ والحقيقة ومتفرّعاتها. مذ ذاك التّاريخ، صَدَحَ من جديد صَوْتُ الإعلامِ الحرّ والمُتحرّر من قيودِ المَحَاور الظّلامية، ولم تكفّ الأقلام عن سَيَلان الحبر السّماويّ، فدمُ الصّحافيّين الأحرار هو أزرق، تجري في خلاياه روحُ جبران التّويني ومعه مئاتٌ من الصّحافيّين والإعلاميين الأحرار الذين استشهدوا فداءً عن لبنان العظيم، ولكن العظيم كما أرادوه هم، وليس كما أراده بعضُ المُستزلمين والمُتسلّقين.
ولكن، ما يجب أن نُوْقِنَه بالإيمان وصلابة العزيمة، أنّ لبنانَ الكبير بحجمه المعنويّ قبل مساحته الجغرافيّة، أنّه يحتضنُ أبطالاً ومفكّرين ومتنوّرين سيُشعُّ وهجُهم بين ليلة وضُحاها، أيْ أنّنا سننام على واقعٍ ونصحو على واقعٍ آخر. وزُمرةُ العصابة الطّائفيّة والإقطاعيّة هذه، من مُختلفِ الأحزاب، وكما نقول في العاميّة “إجِتْ وَرقتها” من قِبَل الدّاخل قبل الخارج، وسَيَتَهاوى رموزُها الواحد بعد الآخر. ويقول المثلُ الشّعبيّ: “ما ماتَ حقٌّ وراءه مُطالب”.
لنقرأ ولو قليلاً استدعاء القاضي فادي صوّان رؤساء الحكومات السّابقين والحاليّ، ناهيك عن وزراء الأشغال السّابقين وسواهم، للمُثول أمام القضاء ومُساءلتهم، ما يعني أنّ القضاء اللبنانيّ بدأ يصعَدُ بالهرم المافياويّ. لنقرأ أيضًا الإدّعاءات والمُذكّرات القضائيّة الصّادرة بحقّ مسؤولين من مُختلف المراتب في السّلك العسكريّ بجرم الإثراء غير المشروع، مع ما استتبع ذلك من عقوبات وغرامات. بدأ القضاء اللّبنانيّ وبناءً على ملفّات ثابتة، ينكأ مواقع فسادٍ عَفِنة، لم يكن يجرؤ عليها سابقًا، والفضلُ الأكبر في ذلك هو للإعلام الإستقصائيّ اللّبناني وفئة من الشّعب النّهضويّ الدّاعم لكلمة الحقّ.
إدمون بو داغر