ما يُحاك لنا من فِتَن وما ينتظرنا من مِحَن!
من نيسان 1915 إلى نيسان 2023 ما من شيء تغيّر على لبنان واللبنانيين! 108 أعوام و”القصّة هيي هيي” كما يقول أجدادنا! بين 1915 و 1918 كانت المجاعة الكبرى! حرب عالمية أولى حصار بحري من الحلفاء وحصار برّي من جمال باشا السفّاح! إنهيار للعملة وانهيار معيشي وانهيار صحّي.. ضرائب وخوّات واستبداد وفساد.. أمراض وأوبئة.. ولم يكفِ كل ذلك سكّان لبنان وجبَله حتى جاءتهم أسراب الجراد لتقضي على الأخضر واليابس.. خسِر جبل لبنان في تلك السنوات نصف سكانه!
هل يُعيد التاريخ نفسه؟! هل ما يحدث في لبنان منذ تشرين 2019 هو استعادة لتلك السنوات العِجاف؟! ربما تسلسل الأحداث والمصائب والكوارث يشي بذلك! وربما الحصار والإنهيار يبشّران بذلك! وما أتى خطير والآتي كارثي وما سيأتي أعظَم!
في ذاك الزمن الجراد الصحراوي أكَل الأخضر واليابس! في هذا الزمن الجراد الآذاري والأيّاري بكل ألوانه وتلاوينه أكَل الأخضر الدولاري واليابس الليراتي وسبَق الجراد الصحراوي!
في ذاك الزمن كان القمح يُباع بأسعار خيالية في السوق السوداء وظهَر “الرغيف الأسود” المكوّن من الشعير! في هذا الزمن القمح “مدعوم” على حِساب الناس ومسروق من حِسابها، فيما وجوه المسؤولين سوداء كدواليب سياراتهم الفارهة ولا تضحك للرغيف “السخن” رغم “شهنقاتهم” الفارغة!
في ذاك الزمن صادَر العثمانيون الحبوب، وسيطَر فساد الإدارة العثمانية وشركائها اللبنانيين! في هذا الزمن يستمر وبنجاح باهر توارث أحفاد تلك الإدارة وشركاؤهم الفاسدون!
في ذاك الزمن عمّت المضاربة بأسعار المواد الغذائية، وتعاظم الربا الفاحش الذي مارسه تجّار ومرابون.. في هذا الزمن فجّار هذه الأيام سبَقوا تجّار تلك الأيام بأشواط!
في ذاك الزمان كان هناك سفّاح واحد إسمه جمال باشا! في هذا الزمن كم من جمال باشا وكم من سفّاح جوّعوا ونهَبوا وهجَّروا ونحَروا اللبنانيين؟!
بين ذاك الزمن وهذا الزمن لينجّنا الله مما يُحاك لنا من فِتَن وما ينتظرنا من مِحَن!
انطوان ابوجودة