محاربة الفساد .. عناية إلهية ؟
قالت عضو كتلة التنمية والتحرير النائب عناية عز الدين ان ” الفساد بات مشكلة حقيقية وأن الواقع الذي نحن فيه لم يعد قابلا للاستدامة” وأن “هناك اتجاها جديدا في التعاطي مع موضوع الفساد انطلاقا من مبدأ تطبيق القوانين والاستعداد لسن قوانين تسهم في إرساء المنظومة المتكاملة لمحاربة الفساد” … وتؤكد الوزيرة الامليّة ان “محاربة الفاسد تبدأ بالقضاء وتنتهي به”.
كلام جميل لكن غير مقنع. كون الذين أفسدوا النظام والدولة هم أنفسهم من يتربعون على الكراسي ويدّعون العفة اليوم. صحيح ان “العناية” الإلهية يمكنها ان تصنع العجائب لكنها هل تستطيع ان تغيّر طاقما كاملا من اللصوص المحترفين الذين ندروا حياتهم.. وحيات زوجاتهم.. واولادهم.. واقربائهم.. من اجل مصّ دماء الشعب اللبناني ونهب الدولة؟
“الدبور” يقول، انه من السهل ان يندروا العفة اليوم، ولم يعد هناك شيء ينهبونه. لكنهم من المستحيل ان نصدق انهم تحوّلوا فجأة الى قديسين مصلحين. الوعود الفارغة لا تفي بالغرض المرجو. الإصلاح يبدأ بالمحاسبة والمحاكمة والعقاب. أن يدخل بعض المرتكبين الصغار الى السجون لا يعني شيئاً، الإصلاح الحقيقي يكون بمحاكمة اللصوص الكبار، ولسوء حظنا هم الذين يضعون القوانين اليوم وهم الذين يتحكمون بالقضاء… وكما تقولين تماما “المحاسبة تبدأ بالقضاء وتنتهي به…” وهي محسومة سلفا في لبنان لسوء الحظ! وبما انك قلت “وليعلم الجميع أن حركة “أمل” ستكون في مقدمة هذه المواجهة”، ننتظر مواجهة عن حق وحقيق لا تستثني أحدا. وكما يقول المثل الفرنسي ” الخير الصحيح يبدأ من الداخل”. فلتبدأ الحركة بمساءلة ومحاسبة ذاتية لا حدود افقية وعامودية لها، وهذا مستحيل كما الجميع يعلم. ولو فعلت، فذلك سيخولها فرض شروطها في مشروع محاسبة جميع الفاسدين دون استثناء بدعم شعبي عارم. فالشعب ليس ساذجا كما تظنون.
لا تسألي أيتها النائبة الابية لماذا الشعب لا يثق بمؤسسات الدولة من اعلى الهرم الى اسفله؟ لن يثق المواطن بالدولة من جديد الا عندما يدخل المسؤولون الكبار السجون وليس فقط جواريهم في الإدارات… وانتهى الامر.