مزاجية الصدفة وقساوة القدر!
نوادر للكتب القديمة والنادرة مركزها في الجيفينور قرب مستشفى الجامعة الاميركية، ممّا سهّل عليّ دخول مبنى الطوارئ لأستفسر من أحد الأطباء المناوبين عن وجع الرأس المتواصل الذي كان يلازمني فاطمئن منه وأكمل بعد ذلك بحملي الذي لا يبعد سوى أمتار.
ما ان دخل الطبيب المناوب بطاقة الجامعة التي تشير الى وضعي الصحّي (قلب مفتوح) منذ عام 2002 فجأة راحت الأسئلة تنهمر من حولي وصولاً لتخطيط القلب وأشعة (المقبرة) وفحص الدم، ليتبيّن بعد ساعات من الفحوصات ان الشريان الرئيسي الذي يمرّ من القلب لتغذية الدماغ تعطّل ضخّه ما بين 70 و97 في المائة، ممّا يشكّل خطراً كبيراً لحدوث جلطة قاتلة او شلل وان اجراء العملية رغم خطورتها فنتائجها ارحم بكثير من عدم اجرائها.
في هذه الأثناء، كانت الصدفة التي دفعتني نحو المستشفى، تضع يدها على ثغرها وتضحك خلف الباب والقدر من أعالي السماء بوشاحه العاجي ينتظر بشغف وليمة العشاء.
كل الأمور التي تتلاعب بمصيرنا رهن مزاجية الصدفة وقساوة القدر، عقارب الساعة وحدها تقرّر المصير، وتبدّل من حياتنا، ليبتعد عنا غناء الجداول وتختفي من حولنا الحدائق المشعّة بسحر اللون الأخضر.
وأنهالت عليّ عبر “الفيس بوك” دعاء الاصدقاء، كانت الشمس تخرج من بطن الأرض لتنير السهول والبراري والجبال ودعاء الأصدقاء يتساقط أحزما فوق جبيني توزعت بين رقص الفراشات وغناء العصافير، أولاً على أغصان الشجر، لأراني مع النجاة وقد انتزعت عن صدري الأوسمة التي كانت تحرقني وانتفضت من القبر مارداً يعاود الكفاح والنضال.
جهاد قلعجي