مياهنا السياسيّة !!
يتكلمون على الفساد!!
نتكلم على الفاسدين!!
وكلّه “كلام بكلام” !!
وما نفع الكلام، عندما تتحول الإجابات إلى بحرٍ من الإتهامات!!
إتهامات .. نعم !
فساد .. نعم!
فاسدون .. نعم !
أيّها القرّاء، برأيكم، أليست هذه الـ”نعم” غير مبرّرة؟
أليست مجرد كلامٍ يتطاير في الهواء؟ حيث بات حبرها على الورق يعاني من ضعفٍ تحليلي، مصيريّ!أ
كفانا تحليلات، وتناقضات، ومواجهات، وبيانات، وشعارات، وتحديّات، ومطبّات.
الحقيقة هي هي… لا تتغيّر، ولا تتبدّل… وصاحبها يُصلب!!
كم نشتاق إلى خرير مياهٍ سياسيةٍ عذبةٍ، تلطّف الوجوه، وتنعش القلوب، وتروي عطش العقول. ويا للأسف، أصبحت عذوبة “مياهنا السياسيّة” على شفير الهاوية. المنقذون مستبعدون، ويحاكمون، ومن المنقذ؟
فلا يطالعنا إلاّ علامة تعجُّبٍ تتصدّر المواقف، وتعمل على إسكات صراخنا عبر مخدرٍ وهميّ، محوّلةً إياه إلى شهيقٍ حقيقيٍّ، سمعناه من خلال “خبريّةٍ ضيعويّةٍ طريفة”: كان هناك رجلٌ، يدعى “أنيس”. يعيش في كنف ضيعته منذ طفولته، وبالرغم من ذكائه الحاد، كانت زوجته إمرأةً بسيطة، وهذا واقع لطالما نلمسه عند أغلبية المتزوجين!!
في ذلك الوقت، كانت الحمير هي وسيلة النقل الأساسيّة في الضيع، وكان حمار “أنيس” مميزًا، وذكيًا؛ هكذا كان يصفه.
وفي صبيحة أحد أيام الصيف، العابقة بروائح الورود الآتية مع نسائم صباحيّة، عليلة، مفعمة بحرارة الصفاء الذهني النابض. كان أنيس وزوجته منطورة يرتشفان القهوة، التي كانت تعطي أنفاسًا تصلح المزاج، وتعمل على إطالة الأحاديث الصباحيّة، كونها تطال أخبار الضيعة بتفاصيلها. وكان أنيس يتأفف من حديث زوجته، وما أن يصل حديثها إلى حد الثرثرة يبدأ أنيس بالتأفف. وما مرّ وقتٌ قصيرٌ حتى جاء الفرج، حين بدأ الحمار بالشهيق دون توقف، وهو على هذه الحال نصف ساعة تقريبًا، وكأنّ عاصفة جوعٍ وعطش سيطرت عليه، معلنًا بشهيقه المتواصل الحرب عليهما، وكأنّه أراد إنقاذ صاحبه ” أنيس” من بلوته. عندها سألت “منطورة” زوجها:
– “قَولَكْ شو عَمْ بيقول هالحْمار يا رجال”؟
أجابها زوجها:
– عَمْ بيقول الله بّلاني، بّلاني”!!!
ونحن في هذا الوطن، الله بلانا بلانا!!!
ولكن مِن مَن ؟ ومَع مَن ؟ وحتى متى؟ وكيف الخلاص؟ وأين الحل؟ كلّها أسئلة “مكمودة، ومكبوتة، ومكروبة” تفتقد الأجوبة، حتى ولو ظلَّ حمار “أنيس يْشَهنِقْ كلْ النْهار”.
صونيا الاشقر