نبش القبور!
يُحكى أنّ إحدى القرى اللّبنانيّة كان همّها الأول والأخير الخلافات التي كانت تقع بين أهلها من دون شفقةٍ أو رحمة، فكانت الخلافات تُبنى على شكاوى في المحكمة، لدرجة أنّ نزهات أهلها أصبحت عنوانها: المحكمة! والمستفيد أوّلاً وأخيرًا في تلك القريّة هي المشكلات التي يتبنّاها الموكّلون عن سكّانها بكلّ طيبة خاطر، لذا لم تكن تسمع في أيّ مناسبةٍ في داخلها غير عبارة أهلاً وسهلاً بالأستاذ.
وفي ذاك الزّمن كانت وسيلة النّقل الأساسيّة هي الحمير، والكلّ يعلم أنّ ” الكرّوسة” التي كان يعتمدها أهل القرى للتنقّل كانت تُرسم معظمها عن طريق حمير القرى الذي يقال عنها بأنّها المهندس الأوّل للطّرق، وهذا الواقع المعيشيّ كان ينطبق على كلّ سكّانها، ومن بينها الخواجة سليم الذي كان عرّاب الدّعاوى، لذا عندما يكون منشغلاً ، كان يرسل حماره لكي يمثّله في المحكمة، لأنّ حماره كان يدرك الطّريق أكثر منه، وهذه القصّة هي نابعةٌ من واقعٍ ملموس، وعند قراءتنا لها، نؤمن بأنّ الحمار كان البديل عند “الحشرة”، إذًا لم لا نعود إلى زمن الحمير لعلّنا نصل إلى حلٍّ يُرضي كلّ الأطراف؟ لأنّه كما هو معروفٌ بأنّ الحمير ترسم ولكنها لا تقرأ، لم لا نهتمّ من جديد بتربيّة الحمير، هكذا ربّما نستطيع إقناع معظم المسؤولين بأنّ مهارة القراءة تحتاج إلى أشخاصٍ أصحاب الكفاءة الحقيقية في طريقة التّعاطي بالشّأن السّياسيّ المنقذ الذي همّه مصلحة لبنان فوق كلّ المصالح، دعونا نأخذ العبرة من هذه القرية التي حوّلت مسارها الحياتيّ إلى كومةٍ من الشّكاوي التي في نهاية المطاف لن يكون هناك لا غالبٌ ولا مغلوب، فقط الرّابح هو الفقر الذي سيقتحم الجيوب والعقول، عندها ما نفع الخلافات مادامت النّهاية هي نبش القبورعلى حساب الشّعب المقهور!
صونيا الأشقر