نوّاب شريعة الغاب!
كلُّهم يكذبون ويُظهرون النَّقاء في انتخابات بلديّة تتّجه إلى التّعطيل، و”حلوة يا بلدي”! وعُمقُ الكذب سيتجلّى في جلسة اللّجان المُشتَرَكَة حيث النّفاق الأعمق في التّظاهر على وسائل الإعلام والإدّعاء بأنّهم جميعهم يُصرّون على إجراء الإنتخابات البلديّة، ولكن في الحقيقة لن يستطيعوا التّطاول على “إرادة” نبيه برّي الشرّيرة، التي لم تشأ يومًا رفعَ شأن الدّولة اللبنانيّة. والسّخرية في هذا الموضوع هو أنّه كما سيدّعون: “لن يضيع حقّ وراءه نائب” (أيْ العكس صحيح).
لقد تفكّكت أوصال دولة نبيه برّي، هذه الدّولة التي أرادها بحجمِهِ، حجم الأقزام في النّفوس والأذهان. لم ولن يبقَ شيء في هذه الدّولة من أثر هؤلاء الأقزام وأنصاف الرّجال، والذين ولّى زمنُهُم ولو لازالوا في مقاعدهم، أقلَّهُ (وفقط) لأشهر معدودة. وقريبًا، سوف يُعيدُ التّاريخ نفسه وتحديدًا عبر الإعلام، وتعود وتزدهر العبارة التي هزّأت بها قناة الجديد الزّميلة نوّاب التّمديد بنعتهم: “النّواب الممدّدون لأنفسهم” عام 2014، ونُطلقُها على رؤساء البلديّات، و”كما تكونون يُوَلَّى عليكم”.
باختصار، إنّه توجّه غير قانونيّ وغير ميثاقيّ ومنافٍ لروحيّة الدّستور اللبناني، ولأنّ الدّيموقراطيّة بحسب الأصل اليونانيّ هي “حكم الشّعب”، أيْ أنّ الشّعب هو مصدر السّلطات، فبأيّ منطق نخترع مراسيمًا لتجديد سلطة مصدر شرعيَّتِها هو الشّعب. ولكنّ منطق نبيه برّي مصدره شريعة غابٍ لم تألَفها حتّى بعض الحيوانات المتوحّشة.
إدمون بو داغر