هل نتعظ من تجارب التاريخ؟
يتميز لبنان بتنوع نسيجه الوطني مما جعله مختبراً لتعايش الثقافات والأديان. في هذه الذهنية بدأ بناء الوطن. وفي اوائل السبيعينيات أصبح لبنان مقصداً للشرق والغرب لا بل قوّة اقتصادية ضخمة جعلت من عملته الوطنية عملة “صعبة”.
لبنان الوطن الواحد الاحد لجميع أبنائه ولكل طوائفه، في شراكة نصّ عليها الدستور والقوانين وجعلت لكل فرد حقوق وواجبات… وبالرغم من البحبوحة والخير كانت الهجرة، التي هي في تكوين اللبناني الاصيل، حيث الحلم والطموح الى غذ مشرق وأفضل. من الاجداد الى الابناء عاش اللبنانيون في خلافاتهم واختلافاتهم معا الى أن أتت قوى خارجية وجعلت من بلادنا مكانا لها، عاثت فيه مع لبنانيين خرابا، نتج منه حرب ضروس تقاتل فيها أبناء الوطن الواحد في ما بينهم، واتهم كل فريق الآخر بالتفرّد بالسلطة أو استغلالها، وتم القضاء على المؤسسات من خلال ذهنية الاستزلام والتبعية والخوف من الآخر.
فعلا لقد أجاد الغرباء فعلهم في ابناء الارز، واستطاعوا تقسيمهم الى طوائف يعيشون على أرض لبنان، والكل يعمل لنفسه ولو على حساب الوطن الواحد، وهم غافلون عن الاذى الذي يخيطونه لأنفسهم في ظل تراكم الثروات والسلطة لدى العديد من أركان الحكم أو من ينتمي اليهم في الوطن والمهجر.
لقد شبعنا وعوداً من دولة عليها واجبات تجاه مواطنيها وهي لا تحرّك ساكناً لتأمين أبسط الحقوق لهم من طبابة وعلم وشيخوخة الى جانب المياه والمواصلات والاتصالات، لقد ضحى ولا يزال اللبناني يضحي بالغالي والنفيس وبما يملك للبقاء على أرض لبنان. لكن التراشق السياسي من جميع المكونات يشرذم بدل أن يجمع، يشتت بدل أن يحصّن. نحن بأمس الحاجة الى ذهنية واعية تعيد جمع اللبنانيين في ما بينهم وتجعلهم يتطلعون الى الوطن الواحد والهدف الواحد متفقين بإرادتهم جميعا ومعا وغير مرغمين لفائض قوّة من هنا أو هناك. ألم نتّعظ من تجارب التاريخ؟!
د. عصام ي. عطالله