وتسألون عن قانون ساكسونيا؟!
في العصور الوسطى كانت هناك ولاية تقع في شرق ألمانيا تٌدعى «ساكسونياSaxony»،وكانت مُزدهرة تجارياً بفضل جهود الطبقة الكادحة من الفقراء الذين كانوا يعملون تحت إمرة طبقة النبلاء الأغنياء المالكين لكل شيء في الولاية، بشراً وموارداً.
لم تعرف «ولاية ساكسونيا» العدل وكان الظٌلم شعارها، وقام مُترفوها وأغنياؤها وأمراؤها وملوكها بوضع قانون خاص لها … فما هي حيثيات هذا القانون؟
كان القانون يُعاقِب اللصوص والمجرمين من كِلا الطبقتين، عامة الشعب الفقراء، والنبلاءالأغنياء، دون أي تمييز بينهم، ولكن … مع اختلاف طريقة تنفيذ العقوبة.
كان القانون ينُصّ على أنه إذا ارتكب الفقير أو «الذي ليس له ظهر» جريمة فكان يُعاقب، فإذا سرق يُجلد على جسده بعدد الجلدات التي حُكمَ عليه بها، وإذا صدر بحقّه حُكم بالسجن يُحبس، وإذا ارتكب جريمة قتل يُقتل بحيث تُقطع رأسه وتُفصل عن جسده.
أما إذا ارتكب الغنيّ «أو المسنود» أو أحد افراد الطبقة العليا من المجتمع وطبقة الحُكّام جٌرماً، فكانوا يأتون بالغني السارق ويقف في الشمس، ثم يحكمون على ظِلّه بالجلد أو السجن إذا كان سارقاً، ويُحكم بقطع رقبة ظِلّه إذا كان قاتلاً!
وكان النُبلاء يقفون في ساحة تنفيذ الحُكم الوهمي، وكلهم شموخ وكبرياء، وهُم يبتسمون استهزاءً بجموع الشعب الذين يُصفّقون فرحاً لعمليّة تنفيذ تلكَ العدالة المُثيرة للسُخرية.
هذه هي «عدالة ساكسونيا»، التي استلهمت تجربتها العديد من الأنظمة الحاكمة، مع اختلاف أساليب التحايُل في تطبيق العدالة.
«قانون ساكسونيا» كان يُمثّل انعدام الضمير والعدالة الزائفة الوهمية الشكلية، أما القوانين الآن فهي مسبوكة ومقولبة بحيث تحمي القوي والمُستبّد، وهي مثالٌ حيّ للفجوة الكبيرة بين الطبقات الحاكمة والثرية التي تفلت بجرائمها، والفقيرة التي تدفع ثمناً باهظاً لفقرها.
وتسألون عن «قانون ساكسونيا» ؟!… انظروا بتمعّن من حولكم!!
عبد الفتاح خطاب