وزارة الداخلية.. ووزيرتها !
عندما اضطلع وزيرنا المقدام زياد بارود الفائق الإندفاع بأعباء وزارة الداخلية، المرآة العاكسة لأوضاع الوطن، استبشر الناس خيراً. بل راهنوا أن نظرية “عاشر القوم أربعين يوم…” لن تنطبق على الشاب “اللامنتمي” للأحزاب والمحازبين. لكن الأيام أثبتت أن مثلنا الشعبي “ما قال شي كذب..” لقد هلل اللبنانيون الشرفاء لتطبيقه القانون في قضايا السير والحزام والدراجات النارية. بل راح بعضهم يردد: “هذا هو المنقذ”. لكنها فورة لم تلبث أن ركدت وانطفت خلال شهرين. فهل أنه استكان للقناعة العامة أن الأخلاقيات وحدها هي قوانين هذا البلد؟
اليوم، تضطلع ريا الحسن بمقاليد الوزارة، فهل ستكون نسخة عن بارود بعد أربعين يوماُ؟ لقد أصدرت أمراً إدارياً يمنع أصحاب الأكشاك والعربات من مزاولة “أنشطتهم” في الشوارع وعلى الأرصفة، فهل ستستكين “وتغض النظر” لدى تصاعد صرخاتهم؟ أم أنها، كما حصل لبارود ستشكو أن “عناصر” قوى الأمن الداخلي البالغة أكثر من 20 ألفاُ غير كافية لترسيخ القانون؟. طبعاً هي غير كافية. لأن رجل الأمن عندنا أشبه بالمنخل، تنحصر مسؤوليته إما بتنظيم السير أو بالسهر على الأمن أو بواجبات أخرى محددة. هنا نترحم على “الدركي” في عهد استقلالنا الأول. وسوف تشكو الوزيرة أيضاً، ويساندها في ذلك العديد من المسؤولين، أن سجوننا مكتظة ولا توفر للمساجين حياة كريمة. فلماذا لا ينفذون مبدأ الــ Parole على اللبنانيين أصحاب الجنح، الذين يُطلق سراحهم بكفالة بعد صدور الأحكام، مقابل إقرار خطي بوجوب التواجد في يوم محدد كل أسبوع في مخافر الدرك أو الشرطة والخضوع لدروس في المواطنية واحترام القانون طوال مدة محكوميتهم. معظم مساجيننا هم من الفئة الراغبة في هذا “الإيلام” النفسي مقابل تحريرهم من القضبان.
كما ستواجه الوزيرة الكثير من أصحاب أنصاف الثقافات المتحمسين لقضايا “حقوق الإنسان” واحترام المواطن. إلى هؤلاء نقول: في القانون الصارم كل الخير للمواطن الصالح لأنه وُضع للحد من انحرافات المنحرفين. هؤلاء قلة في المجتمع ولا بد أن يبقى سيف القانون مسلطاً فوق رؤوسهم حتى يرعووا. تلك هي مسؤولية وزارة الداخلية الأولى والضمانة الأكيدة للأكثرية الساحقة من اللبنانيين، ولا بد أن تتبنى وزيرتنا الجديدة هذه الحقائق القديمة قبل وقوع الفأس في الرأس.
د.هادي ف. عيد