وطن بالمزاد العالمي!
بعدما باع سياسيو الجمهورية الثانية الطائفية لبنان مقابل حفنة من الدولارات القذرة، اصبح الوطن عرضة لمخاطر جمّة تصل الى حدّ تهديد الوجود. وحتى بعدما اتاح لهم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون فرصة انهاضنا، اكمل الخونة الحاكمون مسارهم التدميري غير مبالين. ومع قدوم “حكومة محكومة” بات امل التغيير ضئيلا، كذلك الاتكال على الثورة في ظل طائفية مرسّخة في النفوس والعقول، نخرَت جسم الوطن حتى العظم.
لذا يمكننا القول ان لبنان بات بلدا معروضا في مزاد دولي.. لمن يهمّه الأمر.
نأي بالنفس دولي!
تأتي زيارة وزير خارجية ايران في اطار هذا المزاد، كون الجمهورية الفارسية لاعبا اساسيا اقليميا ولبنانيا، خصوصا بعد خضوع وخنوع المملكة العربية السعودية التي تراجعت عن طموحاتها الاستراتيجية وتنازلت عن دورها في لبنان.. وقد عبّر مسؤولوها عن ذلك الى المراجع الدولية المعنية بالملفَين الاقليمي واللبناني. ورغم الفيتو المبدئي الذي لا تزال تشهره الرياض وواشنطن تجاه دور ايران في لبنان، بات من الواضح ان العاصمتين تنأيان بنفسيهما تجاه دخول طهران في المزايدة الدولية، تماما كما تصرفتا في ملف بواخر الوقود التي خرقت الحظر الدولي علنا، بل بتحدٍ واضح وصريح.
بعرضها تأهيل الكهرباء وبناء مرفأ بيروت، دخلت ايران علنا في بازار “اعادة اعمار” لبنان الجديد. ورغم تحفظنا على تدخلها في شؤوننا وشجوننا عبر الحزب الإلهي، لا نستطيع منعها من المشاركة في العروض التنافسية القائمة، لعدم وجود ممانعة دولية فعلية. وبغياب اي امكانية لمقاومة الامر الواقع بعدما يئس منا الجميع، لم يبق لنا سوى حلَّين: دحر المافيا الحاكمة بسيطرتنا على البرلمان ديمقراطيا، او الرضوخ وترك الدول المهتمّة بمرافقنا المزايدة فيما بينها، كي نحصل على افضل الممكن. علما ان مهما كان هذا الممكن رديئا، سيكون أحسن مما لدينا اليوم.. سياسيا، واقتصاديا، وإداريا!
جوزف مكرزل