يحكمون وطناً من خلف الأبواب!
كل البلاد المتواجدة والمنتشرة على وجه الكرة الأرضية تعجّ أوطانها بقصور ألف ليلة وليلة المزخرفة بالنعام والحرير والفوانيس المعطّرة.
ذهب يتناثر، يسرق الفرح من نور الشمس، ومجد يتموّج فراش الذئاب وحليب أبيض ينسكب على الجسد كالشلال.
داخل كل وطن، كل قصر، رجل يقال عنه انه رئيس او ملك او امبراطور، أو أمير، أو وزير.
داخل كل وطن، خارج كل قصر يوجد رجل يتناثر من حلقه العطش، دخان يتصاعد من خلف الصحراء، ورغيف يتجعّد على جبين الفقراء، تفوح رائحة الظلم من عين الطفولة وحلمات النساء، والشيخ المنحني الظهر، الذي يشحذ ما بقي من العمر.
في وطن ما في مكان ما، كيف يقبل هذا الرئيس او ذاك الملك او الديكتاتور، أن يدير وطناً، من خلف الأبواب، سقط عن مشهده الوجدان وتمزّق الضمير عن وجه القمر.
منذ زمن بعيد بعيد، على طرفي امتداد التاريخ ظالم ومظلوم قاتل ومقتول جمل وأفكار، وآراء، تتوقف عند خوف أرسطو، وانتحار سقراط، وأعجوبة غاليلي…
لقد ابتعدنا عن الكتاب فهجرتنا الاحرف المتعانقة المتشابكة كأغصان الشجر، ابتعدنا عن صفار النهر، ووضوح الرؤية، ليبقى الوطن مكبّلاً بسلاسل الجهل وغباء التفسير على مرّ التاريخ..
ما نفع كل القوانين والتشريعات طالما ان هناك اناساً يزحفون نحو الجوع، يتستّرون بالفقر.
هل يجوز بعد كل هذا الظلم التاريخي، هذا الاستعباد والاستكبار، ان يكون هناك رئيس وقصر وفرح وذهب، في الوقت الذي يولد على زاوية الطريق جائع وفقير.
مخابرات اتباع اصحاب ملايين وفي الشارع المقابل طفل مريض، تحت شمس واحدة.
أيّها السادة، اخلعوا عن جسدكم ثياب الآلهة، توقفوا عن تمثيل دور الرسل والأنبياء، وتوقفوا عن نشر غبار الموت فالانسان هو هذا التواصل البشري لا غني ولا فقير، وما من شتاء يتكبّر على خريف.
جهاد قلعجي