إلى كل هؤلاء في الوطن اللبناني!
هذا مقالي الأول في الدبور الرقمي، بعد عشر سنوات من المشاركة في نسخته الورقية. فلمن سأهدي افتتاحيتي الأسبوعية صباح كل جمعة؟ إلى المواطن المنفتح والمحبَط الذي يتبصّر ليل نهار في شأن يومه وغده؟ أم للسياسي المتأثر، بل ربما المستأثر، بالسباسب الفوضوية لنظامه المترجرج؟ هل أهديها لذلك الجيل القديم الذي عانى الحرب ولم يربح السلام والذي كُتب عليه أن يعيش وينشيء أولاده في دوّامة الأزمات؟ أم أقدّمها للجيل الصاعد، جيل الإنترنيت، الذي يودّ بناء لبنان الجديد لكنه يفضل الهروب من أحداث تاريخه؟
أهديها لكل هؤلاء في هذا الوطن اللبناني الذي نراه كل يوم يتطلع إلينا ويتساءل: ماذا فعلتم وتفعلون؟ لماذا أوصلتموني إلى هذا الدرك من التيه والضياع الذي أعيشه أنا وتعانونه أنتم كل يوم؟ لماذا أرسلتموني، وأنا سيد الأوطان، للتسول على أبواب الناس؟ لماذا هشّمتم وجهي، وأنا الجوهرة بين البلدان، بجهالاتكم وسوء أفعالكم؟ بل لماذا أحنيتم ظهري، وأنا المارد بين البشر، كي يطأه الخبثاء وشذاذ الآفاق؟.
في هذه الأسبوعية سأتوجه لكل من يؤمن بلبنان وطناً سيداً مستقلاً وبالمعاني الكامنة فيها. ولمن يقدّس هذا الوطن ويلثم ترابه بعد تقديسه الله. ولمن يؤمن بقيامته من تراكمات الماضي وسلبياته نحو مستقبل مشرق من البحبوحة والرخاء. وفيما تنحسر الموجة الإيرانية ويهرول ذراعها اللبناني وشيكاً للحاق بركب العهد الجديد،سيتحرر اللبنانيون جميعاً من رواسب الماضي،نحو تطلعات تخترق كنه المستقبل اللبناني مبنية على قواعد راسخة من الفكر العلماني يُعززها منطق التاريخ والجغرافيا والعيش المشترك. وطبعاً، لن يوافق معي الكثير من زعمائنا في العديد من الطروحات، لكني ألتمس منهم تحكيم العقل والضمير في هذه الأمور المصيرية التي يتوقف عليها بقاء الوطن أو زواله.
د. هادي عيد