كيف تدفن ملفاً؟!
ابتدع الساسة اللبنانيون وسائل وطرقاً عديدة لإثارة الخصام والسجالات والصراعات حول أي موضوع مهما كان حجمه وأهميته، بسبب أو حتى بدون سبب. وفي الوقت ذاته استنبطوا الطرق الملائمة الناجحة لعقد التسويات والمصالحات وتدوير الزوايا و«تبويس اللحى»!
من ثنايا هذه «العبقرية»الاستثنائية استخدم الساسة اللبنانيون، بكفاءة منقطعة النظير، أسلوب تحويل الملفات «الساخنة» إلى لجان الخبراء والمستشارين أو اللجان الوزارية أواللجان النيابية، حيث تُدفن هذه الملفات في الأدراج إلى أبد الآبدين. وكذلك لجأ «جهابذة» السياسة في بلدنا إلى وسيلة متطورة وهي إثارة الجدال والزوابع والمخاوف والهواجس حول ملف جديد بقصد «دفن» ملف قديم إلى الأبد.
من هنا، بزغ نجم ملف طرح الدولة المدنية وإلغاء الطائفية السياسية، وقد أثير كما قيل من باب «الحرص» على تطبيق مقررات اتفاق الطائف مع أن الملف «نام» طويلاً وكان في سُبات عميق منذ عام 1989. وهكذا وبقدرة قادر تراجعت ملفات الفساد وسرقة أموال الناس والفيول المغشوش والتهريب والأغذية الفاسدة وتفجير مرفأ بيروت وغيرها من الملفات إلى الصف الثاني … تمهيداً لدفنها!
شيء مُحيّر كيف تتقلب مواقف المؤيدين لاتفاق الطائف والمناؤين له، ومواقف المطالبين بتنفيذه بنوده أو بإلغائه والذهاب إلى ميثاق وطني جديد «خلنج برنج»، ودائماً وفقاً للأهواء والمصالح والحسابات الضيّقة.
أيها «الطائف» كم من الخزعبلات والهرطقات يخترعون، وسيخترعون، باسمك!
عبد الفتاح خطاب