معضلة البصل!
عندما يصبح سعر كيلو البصل أغلى من سعر كيلو ليمون الحامض، ماذا عسانا أن نقول؟ للأسعارالغريبة الأطوار، للقلق الذي قد تملكنا، للضيق الذي في صدورنا، للألم الذي تغلغل في قلوبنا… ماذا عسانا أن نقول؟ لهول حياتنا الصّعبة التي أبعدتنا عن هذا المثل” كول بصل وانسى اللي حصل”. ترى هل يمكننا أن نأكل البصل، لكي ننسى الذي “حصل”؟ وكيف سنتعامل مع النّسيان ونحن على شفير الهاوية مع أسعار البصل؟!
إنّها المعضلة الكبرى التي يتخبط بها لبنان من جديد، معضلة مستحدثة، مفبركة، منظّمة، ومعقّدة، فقد انهالت على رؤوسنا بطريقة عشوائيّة، لا سبيل للخروج منها، إلا عن طريق شراء البصل البلدي الأصيل، البعيد كلّ البعد عن البصل المحقون بالهرمونات التي زلزلت دموعنا، وأجبرت “بصَلُنا” على التّخلي عن حياتنا اليوميّة، وعن طعمه البلديّ الحقيقيّ، وكلّنا نعلم بأنّ تزايد الهرمونات يعمل على تخديرٍ دماغيّ، لدرجة أنّنا أصبحنا ننادي “عالسّكين يا بصل”! وتسألوننا بعد، لماذا كلّ هذه الدّموع العاطفيّة، الجيّاشة، التي تذرف على وطننا، وعلى مستقبل أجياله الصّاعدة؟
كثرت علامات الاستفهام، وقلّت علامات التّعجب، ولكن الفاصل بينهما هو أسلوب الاستفهام الإنكاري الذي فقد بصماته الإنسانيّة، بعدما تحوّلت إلى بصمات حيوانيّة، عنوانها: وضعنا الدّيمغرافي في لبنان دخل “مجموعة غينيس” بالنسبة إلى أرقامه السّكانيّة العشوائيّة التي لا تُعدّ ولا تُحصى، وكلّ هذا بفضل وحشيّة المسؤولين لدينا، الذين لا ينادون إلا بعد فوات الأوان، وكأنّهم يعملون دائمًا على زرع قنبلة موقوتة تنفجر ساعة يشاؤون، ويكون انفجارها على حساب المساكين، لأنّ المقولة تقول: “إنّ القويّ يأكل الضعيف”. هذه هي حالتنا، وحكايتنا، عندما تكون القوّة الغريبة هي النّاطقة والحاكمة… ولكن نحن شعب مؤمّن، والمؤمّن لا يتأثّر إلا بقوّة وطنه، حتى ولو بات سعر البصل يُناطح السّحاب!
صونيا الأشقر