إنقلاب على الإنقلاب!
يتنطّح الساسة المتسوّسون ويتباطحون ويتناطحون! كلّ منهم يُتحفك بنظرية خنفشارية أو خبرية مزرية أو فتوى دستورية أو تخريجة “مهترية”! وكلها ألسِنة فارغة تعكس العقول الفارغة! هذا مع التمديد لقائد الجيش في مجلس النوّام المتمدد! آخر ضد التمديد لكنه وافق يوماً على التجديد! ذاك مع تأجيل التسريح بواسطة وزير الدفاع عن اللقب! ذلك مع تعيين قائد جديد من خلال حكومة التصريف! هؤلاء يرفضون التعيين في غياب الرئيس! أولئك أدخلوا المؤسسة في ألاعيب التسييس! أحدهم استصدر فتوى لاستلام الأعلى رتبة زمام القيادة، ببهلوانيات ليس منها إفادة! منهم مع تعيين رئيس أركان في ظل حكم “الكيفمكان”! آخرون مع سلّة تعيينات تشمل المجلس العسكري، عِلماً أن سلّة الدولة مفخوتة! أرسطو يكتفي بالثلثَين تفادياً لصَيبة العَين، ويا عَين! سقراط يعتبر النصف زائد واحد يكفي، والوطن نصفه تحت الحفّة ونصفه الآخر “ما فيه يكفّي”! أفلاطون يريد توقيع الـ “24 وزير” أو بالأحرى الـ “24 رئيس” على أي تعيين، والله ينجينا من حكم الدكاكين! ولا أحد من هذا الطاقم التلبيس يذهب لانتخاب رئيس في هذا الزمن التعيس!.. جميعهم منه يخاف! بعضهم يتلطّى باللحاف! البعض الآخر يؤرقه إسم جوزاف! يخافون أن يصبح رئيساً فيصبح حظهم تعيساً! سفارات تحور وتدور في أرجاء الوطن المحرور وفي ظلّ الدستور المنخور! قناصل يحشرون أنوفهم بما يعنيهم ولا يعنيهم! سفراء يحذّرون ويهوّلون والحيطان يهبّطون! متزعّمون يزعمون ويزعقون وتضيع العقول عند البطون!.. وحده الجيش ساكت! وحده قائده صامد وصامت! وحدها وحداته على الحدود! تتلقى هنا النار والبارود! وهناك تكافح التهريب عبر الحدود! وحدها المؤسسة تقوم مقام باقي المؤسسات في زمن فراغ الرئاسات وانهيار السياسات وترهّل الإدارات وانحطاط الأخلاقيات وسقوط المحرّمات وضياع المسؤوليات!
لم تنفع يوماً التسويات فكانت كومبينات وصفقات! وضحكاً على الذقون من قبل الطاقم الملعون! نهبَ تحت شعارها الخيرات وسرَق المدخرات وأفلَس البلاد وأفقَر العِباد! واعتاد على الموقف القلاّب! والانتظار أمام الأبواب! والخنوع لحكم القبقاب! والإنبطاح تحت أرجل الإنتداب! .. لن ينجو الوطن من شريعة الغاب الاّ بانقلاب على الإنقلاب!
انطوان ابوجودة