أَعْرَاضُ النّفس اللبنانيّة!
لنعدْ هذه المرّة ولو للحظات من الزّمن إلى الدّاخل اللبنانيّ، لأنّ مشاكل الإقليم والدّول لن تُحلّ إلاّ بعد أن تفرضَ قوّة عالميّة جديدة سطوتَها على العالَم، وعلى الأرجح أنّه في القريب المنظور لن تعود الولايات المتحدة الأميركية تملك هذا الدّور الذي أساءت استخدامه لعقود وعقود من الزّمن.
بالعودة إلى لبنان، وتحديدًا إلى “مجموعة الشّعوب” التي تسكنه على الأقلّ منذ إعلان دولة لبنان الكبير، ونطلق عليها اسم “مجموعة شعوب” لأنّها لم تُظهر يومًا لُحمةً لا قوميّة ولا وطنيّة ولم تُظهر غيرةً لهذا الوطن لا من خلال تضامنها في الأزمات ولا من خلال احترامها الاستحقاقات الدستوريّة ولا من خلال تربية أبنائها على الإنتماء الوطنيّ. باختصار، إنّ “التعطّل” هو السّمة الأساسيّة التي تمهَرُ الوجدان اللبنانيّ. هذا “التعطّل” على مختلف المستويات، جعَلَت اللبنانيّ (فقط على بطاقة الهُويّة) يفقد الرغبة في الإحساس والرّغبة في التمييز والرّغبة في الحُكم، ومن هنا غدت أحكام هذا الشّعب غير عادلة وغير مُنصفة ومتحيّزة لانتماءاته الضيّقة.
وفي هذا السّياق، يقول الأستاذ الجامعيّ والباحث مشير باسيل عون في الفِسَارة الفلسفيّة أي في علم أصول التّفسير وفلسفة الدّين وتلاقي الحضارات في التَّجابُه والتَّحاور وقضايا التعدديّة الثقافيّة، وذلك في كتابه بعنوان: “أهؤلاء هم اللبنانيّون؟ عوارض الإضطراب البنيويّ في الذّات اللبنانيّة”: (…) الوجدان اللبنانيّ هو وجدان الأنا المتضخّمة المتجاوزة لذاتها والمتعدّية على حدود ذات الآخرين. (…) يتّضح للجميع أنّ الوجدان اللبنانيّ غاية في الإلتباس والتعقيد والتناثر.” ويقول في موضع آخر من الكتاب نفسه: “اللبنانيّون ماهرون في تضليل وعيهم الذاتيّ قبل الإقدام على تضليل وعي الآخرين”.
ختامًا، يكذب اللبنانيّون على أنفسهم ويصدّقون كذبَهم. يدّعون ما لا يتّسمون به ويصدّقون ادّعاءاتهم. أنوفُهم في الفلاء، آلهتهم بطونهم وجيوبهم وجزادينهم مملكاتُهم وسيّاراتُهم معابدهم.
إدمون بو داغر