أشباح المآسي وأشباه الكراسي!
في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي تحوَّل الجنوب اللبناني إلى “فتح لاند” واستُبيحت السيادة اللبنانية في معظم أراضي الجمهورية! فتشرّعت أبوابها وتشلّعت شبابيكها وانهارت مؤسساتها الشرعية وضُرب جيشها وسقطت هيبتها! ليس فقط بتدخّل الخارج أو بالإحتلال المسلّح الفلسطيني وبعده السوري وبعده الإسرائيلي وبينهم الصومالي والليبي والعراقي إلى آخر السلسلة التي لا تنتهي ويبدو أنها لم تنته! لا أميركياً ولا إيرانياً ولا تركياً..! بل بسبب الطبقة السياسية المتسوّسة التي باعت كرامتها وسيادة بلدها وحرّية مواطنيها مقابل ثلاثين من الفضة! لا ينفع التهرّب من المسؤولية! فالكل مسؤولون! في ذاك الزمان وفي هذا الزمن! متواطئون كانوا أم غافلون أم متخاذلون أم مشاركون أم بائعون..! وكأننا اليوم نريد أن نعيد التاريخ نفسه على حساب الجغرافيا اللبنانية والصيغة اللبنانية بظهور “حماس لاند” التي أتحفتنا بإطلاق “طلائع طوفان الأقصى” من بيروت! هل تجرؤ الحركة الفلسطينية على ذلك من دمشق أو عمان أو القاهرة أو من أي عاصمة عربية أخرى؟! وهم يعلمون ما حلّ بهم عندما حاولوا يوماً في بداية السبعينات إن في الأردن أو في سوريا! لم تمرّ طريق القدس وقتها من جونية! ولن تمرّ اليوم منها أو من صيدا أو في أي مدينة لبنانية! واللبنانيون ليسوا مستعدّين لدفع الأثمان مجدداً! وهم يجدون أنفسهم أمام المواجهة من جديد! بعد أن تخلّت عنهم دولتهم سابقاً وها هي اليوم متخلّية في ساعة التخلّي! ومتلهّية في ساعات الفراغ! فيما شبح الحرب يخيّم في أجوائنا وبحرنا وأرضنا! في وقت أشباح السياسة جلَبوا لنا المآسي وأشباه الرجال يتناتشون الكراسي!
انطوان ابوجودة