رفقاً بروحية الإمام الصدر
رحم الله الإمام ورفيقيه. لقد استشهدوا في ليبيا بعد أيام من وصولهم إليها وذهبوا ضحايا المؤامرات التي حاكها شاه إيران وزبانيته، والثورة الإسلامية الإيرانية ومتطلبات نجاحها. والقذافي المطالب بأمواله المهدورة في لبنان، وكان هذا أداة التنفيذ بعد أن اكتملت عناصر الجريمة بما فيها التغطية والإبهام.
تسمية الخليج العربي/الفارسي لا تزال موضوعاً حساساً على الضفتين، خاصة بعد استخدام “التشيّع” رمزاً ديماغوجياً يضرب “العروبة” لتصدير الثورة، وتكليف الشيعة العرب بتغيير منظور “الإسلام الهجين” (الذي يعتنقه “الأعجام” غير الناطقين بالضاد) إلى إسلام سوي يتبنى الأهداف العربية كاسترجاع فلسطين. لتحقيق هذا الهدف تحول الإمام موسى الصدر الذي وُلد ونشأ حول قم وربطته علاقة متأرجحة مع أخرى عائلية بالخميني، من داعية لإنهاض الطائفة الشيعية اللبنانية وإحلالها مكانها المرموق إجتماعياً، إلى حامل لعلم الثورة الخمينية بعد أن قطع علاقاته بالشاه خلال أيامه الأخيرة في الحكم. الأمر الذي وضعه في دوامة أحداث الشرق الأوسط المستعرة من لبنان وبخاصة مع القذافي الذي مول تأجيج هذا الصراع. لكن رحلته التصالحية إلى ليبيا وضعته بين أشداق العقيد الذي نصّب نفسه آنذاك عبد الناصر العربي الرديف.
لقد حان الوقت، بعد نحو مائة سنة على ولادة الإمام الصدر، وبعد مقتل قاتله وذهابه إلى غير رجعة، أن يحكّم الشيعة اللبنانيون العقل والمنطق بدل العاطفة في موضوع مقتله مع رفاقه. تشيعهم الإيراني المفرط يلقي بظلاله حالياً على علاقات بلدهم مع الدول العربية بل كاد يطيح بالقمة العربية الإقتصادية القادمة. حفاظهم على “إسلامهم العربي الأصيل” بدل استسلامهم للهجين الذي يدعمهم بالمال والسلاح، يقربهم مجدداً من عروبتهم ولا يُهيب بهم لشهر هذا السلاح ضدها. علماء الشيعة اللامنتمون للحزبين الإيرانيين عندنا، تهتف قلوبهم للإسلام العربي فيما تلهج ألسنتهم بالتشيع الإيراني. وهم لا يُلامون في ذلك بعد أن قاسوا الأمرّين من غلاة علماء السنّة العرب ونعوتاتهم المجحفة لأساليب عبادتهم. وعليه وجدوا ويجدون في إيران ملاذاُ عقائدياً وسياسياً فرضته الضرورة وكرهته روحيتهم اللبنانية الأصيلة. وهي نفسها روحية الإمام الصدر التي يجب أن يحافظوا عليها بما ملكت أيديهم.
د.هادي ف. عيد