مات الضمير ولا من جنازة!
نعيش أزمة اقتصادية هي الأصعب منذ سنين عديدة. وقد يكون شهد تاريخ لبنان على مثيلاتها وربّما أكثر، لكنّ ما يميّز حالتنا اليوم هو الفقر الأخلاقي والجوع الإنساني.
في هذه الحقبة، الفقر يعمّ البلاد. وغنيّ المال أفقر من أحزمة البؤس في بلاد إفريقيا، أخلاقياًّ. امّا الفقير مادّياً فقد وصل الى حالة من انعدام الأمل ترغمه على بيع مبادئه وضميره من أجل ألا يموت جوعاً. وعلى الرغم من ذلك لا تخلو البلاد من بعض الضمائر والكرامات التي قد تتخلّى عن لقمة العيش وتدفع بنفسها نحو مستقبل مجهول مقابل المبادىء والضمير والاخلاق!
وذلك الشعور بعدم الإنتماء الى هذه الأرض وهذه الهويّة إنما سببه البيئة العامّة الملوّثة بالسلطة المفرطة والمال النتن ورائحة موت الضمير الذي لم يُدفن بعد.
لبناننا بريء من كل تلك الصفات المُشوِّهة. والأمل فيه موجود بمجرّد النظر الى تاريخه المرّ. لن أشبّهه بطائر الفينيق كي لا أُنعتَ بالشاعريّة. لكن لبناني الذي درسته وحفظته، ليس في كتب التاريخ المدرسيّة العتيقة، وإنما على لسان الأجداد وكبار السنّ الذين ما زالو يحتفظون بشيء من الوطنية ويعلمون أن أقوى سلاح هو الكرامة والإنسانية يؤكد أن غداً يوم آخر.
في البلاد سلاح متفلّت لكن جيشه باسل! في البلاد دوائر فاسدة وأموال مختلسة وثروات من صفقات حرام لكنّ ما من شيء دائم وكلّ صاحب قرار ومهما علا شأنه هناك من أعلى منه.
وتلك المعمعات التي يشغلوننا بها ملوّحين بأزمات للبنزين والمأكولات وإلخ، بتنا نعلم أنها أغطية لإستهتارهم بعقولنا أو وقاحتهم اللامحدودة. وكما نحن قادرون على وضع أطروحات حول فساد هؤلاء الفقراء. فإن علمنا قيمة ثروتنا الأخلاقية نحن قادرون على الإنتصار!
اليانا بدران