بين الثورة والحق..حقيقة
شهد لبنان حركة احتجاجات وثورات متعددة منذ اتفاق الطائف الى يومنا هذا. لكن اللافت كانت الانتفاضة الاخيرة أو ما سمي بالثورة السلمية او مهرجان الحرية كما أحب أن أدعوه. هذا الحراك أتى من بعد عقود من الاستنزاف والتكابر والتغطرس والتفرد باستخدام المال العام والثروات الوطنية من قبل قلة قليلة ممن يعملون في السياسة، حيث كبرت المطامع واصبحت تقسم بحسب حجم النفوذ لفئة على حساب فئات اخرى والاهم من حساب الشعب اللبناني وعلى حسابه، الى أن وصل التمادي على الناس بكراماتهم من خلال تخاطب “سوقي” لبعض من بالسلطة متهمين أحيانا ، وظالمين، من سرقوهم واستباحوا مكتسبات تعود للشعب واستغلوا القوانين والدستور بحسب حاجاتهم السياسية والغير وطنية الى أن أتى الأمر على لقمة العيش ومدخرات اللبنانيين والمودعين الصغار في المصارف… فكان الانفجار. لقد وصل شدّ الحبال بين مطالب الناس وأركان السلطة حدا لا يستطيع أحد العودة عنه. وما سيكون بعد الانتفاضة هو غير ما كان قبلها وسيكون للحكومة التي ستشكل عاجلا أم آجلا تحديات ومخاطر كبيرة، وعلى من سيديرها أن يكون حكيما للخروج بالوطن بأقل الخسائر من حساب الدولة وإعطاء الناس مطالبهم المحقة بالحياة الكريمة ولا عودة الى الوراء في استمرار التنفيعات والعقود بالتراضي بحسب المصالح الفردية بل مصلحة الوطن والمواطنين ستكون هي الاساس وعلى هذه الانتفاضة التي ظاهرها سلمي وأداؤها سلمي ان تبقى متيقظة وساهرة على مصالح الوطن وتعمل كمراقب لكل ما يجري في كواليس السياسة والادراة والاعلان عنه عند الحاجة او عند التمادي باستعمال السلطة بطريقة لا أخلاقية من قبل من هم بالحكم.
ختاما ولكي تبقى هذه الانتفاضة الثورة صادقة ومحقّة عليها وعلى نسائها ورجالاتها أن لا ينخرطوا في العمل الحكومي سوى كما أسلفنا وإلا تكون تمّت رشوتهم في منصب من هنا أو مركز من هنالك مما يطفىء نار الثورة ونار الانتفاضة ونار الاصلاح الحقيقي لا سمح الله، ويبقى إيماننا بلبنان كبيرا متحصنين بالهوية والكيان لأن وطننا حق وحقيقة!
د. عصام ي. عطالله