شبعا وكفرشوبا.. الفخ الكبير!
“قصة ابريق الزيت” هذه، التي بات يعرفها طلابنا في الإعدادية، فحواها لدى معظم اللبنانيين أنها أرض سورية حسب الترسيم الفرنسي يملك بعضَها لبنانيون. عندما انسحب الإسرائيليون من جنوب لبنان تحت ضغوطات المقاومة، وجد حزب الله نفسه “ثورةً دون هدف”. لكن حافظ الأسد أعطاه حجة الإستمرار بإيعاز إيراني عندما أعلن شفهياً أن مزارع شبعا وكفرشوبا “أرض لبنانية” يحتلها “العدو الصهيوني” ولا بد من تحريرها. وعبثاً حاول لبنان انتزاع إعلان سوري خطي بذلك يندرج رسمياً في سجلات الأمم المتحدة.
ما يجهله معظم اللبنانيين أن هذه الرواية، ما عدا موضوع هوية المزارع، مُختَلقَة لمجرد الإستهلاك الشعبي. الحقيقة أن الأسد، وعد الإسرائيليين بالجولان المحتل مقابل بقائه، ومن يخلفه، في حكم دمشق. إسرائيل رضيت “باتفاق الشرفاء” الذي جرى تنفيذه تدريجياً على أن تتبنى مسؤولية ترويض حزب الله والإيرانيين في سوريا. ودافعت عدة مرات سياسياً وعسكرياً عن سلامة الأسديين، وكانت مزارع شبعا جزءاً من المخطط – ما يفسّر رفض الأسد للتنازل الخطي عنها – لأن إسرائيل تريد الإبقاء عليها لسببين: غزارة أراضيها بالينابيع، وكونها الطريق المؤدي لذروة جبل الشيخ الستراتيجية التي تحتلها الآن.
مباحثات الترسيم البحري التي بدأت والآيلة للتطبيع الذي يُعدّ عند بعضنا من “المحرّمات” جهاراً و”حلالاً” تحت الطاولة، سيعقبه حتماً ترسيم برّي للحدود لا بد أن يشمل شبعا وكفرشوبا والغجر. كل شيء آخر بما فيه الترسيم البحري قابل للتفاوض. لكن الفخ الكبير متواجدٌ بين أفخاخ ثانوية زرعتها إسرائيل. إنها تريد ما تحتله الآن من “قيصرية فيليبس” أن يستمر إلى الأبد. فمن ناحية، لن تقبل بمطالبة لبنان بها كونها “شأن سوري”، ومطمئنة أن دمشق ستفي بوعدها ولن “تفرّط” بها لصالح لبنان. وإلا، فإن “عصا البغل في يد المكاري”!
د. هادي عيد