بِدَع التكليف!
اعتدنا على ابتكارات برّي الدستورية لكن المفاجأة أتت هذه المرّة من الرئيس. عندما بايع الحريري نفسه، كان متوقعا أن يكلَّف الخميس الفائت لولا بدعة “الميثاقية المناطقية”. رغم غلاظة نظرية السعد بترؤس حكومة مستقلّين وهو سياسي ثقيل، كان الرئيس عون بغنى عن الهرطقات الدستورية، التي تضيّع الوقت الثمين دون أن تكسبه شيئا، كون الحريري والحزب التفّا عليه.. أو على صهره.
نعلم أن السياسيين الفاسدين سيبتكرون طريقة لتقاسم الأدوار والمغانم، لكن لم يجد الشعب بعد طريقه للتخلّص منهم. وقد تبيّن من الذكرى الأولى للثورة أنها لم تنضج بعد، ربما لأن من “يُنضجها” ينتظر ترسيم الحدود، أو الاتفاق مع الصندوق الدولي، او الانتخابات الأميركية.. أم أن المنشود سقوط ضحايا جديدة، لكن فدى من؟
حدود الترسيم!
بدأت المحادثات المباشرة بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية وسط وسوء نوايا بالجملة. أصر امبراطور البرلمان أن “يبيع الورقة الى الاميركان” كتلميذ شاطر، لكنه لم يكن لينجح من دون موافقة الشريك الإلهي الذي التزم الصمت في البداية.. ثم تحفّظ..وبعدما فُضحت اللعبة حاول الإلتفاف على الموضوع قاذفا الكرة في ملعب الرئيس.
عون المحنّك قرر المضي قدما بالترسيم متسلّحا بقرار بري، ما جعله تلميذاً شاطراً ثانياً يحظى برضى المعلّم الأميركي. ولكان الأمر هان لولا انتفاضة دياب الذي خشي أنّ يعتبره المعلّم غائبا او غافيا “لا سمح الله” فاعترض فجأة مستنجدا بالدستور. والمضحك المبكي احتجاج السنيورة، علما انه سبّب المشكل بمنحه اسرائيل مساحات شاسعة من كيسنا!هذا واللواء إبراهيم سبَق الجميع إلى واشنطن.. للتكريم مبدئيا. وإلى باريس لترسيم حدود أخرى.
سقطت أوراق التين ودخلوا جميعهم في دوامة مغلقة: الترسيم لا مفرّ منه لإنقاذ ما تبقى من بلد، لكن حذار من تخطي الحدود لأن التخوين متربّص في آخر الطريق.
جوزف مكرزل