غاب هادي حاملاً أسراره!
من غرائب الدنيا التي تُشغل البشرية، يأتي حدث الموت في الطليعة، ليس فقط لأنه يغيّب إنساناً عن دنيا الوجود بل لأنه يدخلنا في جدل حول سرّ الحياة. لكن تغييب شخص ما من بيئته يشكّل فاجعة لأنه يغيّر تركيبة “العائلة” التي اعتادت على وجوده الدائم في كنفها. فكيف بالحري إن كان هذا الإنسان إعلامياً ينتمي الى عائلة شاسعة واسعة لا حدود لها ولا زمن؟
غاب الصديق ورفيق النضال هادي عيد عن عائلتنا الدبوريّة تاركاً فراغاً كبيراً لأنه كان يتميّز بفكره واسلوبه ورؤياه التي تتخطى بلاد الأرز لتشمل العالم بل العولمة التي كان يؤمن بها. وكيف لا يكون هذا الانسان من أنصار”العولمة الذكية” وقد طاف في ربوعها حياة كاملة متبوّئا أعلى المراكز في مؤسسات أميركية ودولية حتّمت عليه التنقّل بين القارات، والتمركز في شتى البلدان الغربية والعربية، ليحطّ أخيرا في وطنه لبنان فينعم بربوع جبله الأحبّ وصلابة جذوره التي يفتخر بها.
بقولنا “العولمة الذكية” نعني صفات كان يجلّها هادي وهي الانفتاح بلا حدود مع الحفاظ على الهوية والانتماء الى وطنه الأم. من هذا المنطلق دخل أسرة الدبور وكان لقبه بيننا “مستر دبليو” إشارة الى معلوماته وثقافته التي كانت بمثابة شبكة تواصل بحد ذاتها. وكم كان فرحه كبيرا عندما قررنا الانتقال الى عالم التواصل الالكتروني وهو الذي كان يتمنى ان “ننفتح على العالم من خلال الانترنت”…
كما عائلته التي نواسيها خسارتها الأب والزوج والقريب، كذلك ستفتقد أسرتنا الدبورية مقالات هادي واتصالاته الدائمة لتصويب موضوع أو كلمة. ولو كان بيننا اليوم لكان أطلعنا بدقة ونقد موضوعي في افتتاحية اليوم عن شؤون وشجون، بل ما ورائيات الانتخابات الأميركية وأسرارها.. ترَكنا هادي الحبيب حاملاً معه أسراره!
جوزف مكرزل