نجح رمزي النجار حيث فشل الآخرون!
مهما قلنا وكتَبنا وصرّحنا وبكينا وصرَخنا لن نوفي رمزي النجار حقّه. ليس لما حققه ككاتب واعلاني واعلامي فقط، بل كمبدع تميّز أولا وأخيرا بشغفه غير المحدود للبنان، وتفانيه من اجله.
كان طموحا رغم ترفّعه عن الصغائر. منافس شرس رغم انفتاحه على الآخر. متطلب رغم تواضعه. صلب رغم طيبة قلبه. ناقد شرس.. مغامر.. مثالي.. حرّ.. مستقلّ.. جريء.. لكن أهم صفات رمزي هي ثقافته الهائلة والمنسّقة في ذهنه. كل هذه السِمات وغيرها جعلت منه حيثية يحتذى بها في عالم الإعلان والإعلام على حدّ سواء، وقد استضافت “الدبور” قلم الصديق الدائم رمزي النجار في السبعينات “بدءاً من مأساة حرب لبنان المستوردة أو المؤجّرة للاستثمار بإدارةِ غير حرّة” كما كتب مؤخرا بافتتاحيته في مجلتنا التي كان يعتبرها، ونعتبرها، مجلته. سيترك رمزي فراغا كبيرا لدى شخصيات ومؤسسات عديدة ومتعددة، ومن بينها مجلتنا.
ورّطّك بس الدبور بيستاهل!
كنت مهندسا شابا في الثمانينات عندما التقيت للمرة الأولى برمزي في بيت صديق مشترك، الإعلامي والأكاديمي آلان بروناس بصفتي المعماري الذي صمّم وأنشأ منزله. استمتعت بحديثه دون ان أدنو منه، لكن سرعان ما اقترب وصاح بوجهي: انت جوزيف الدبّور؟ واضاف دون ان ينتظر جوابي “بعرفك من انت وصغير، كنت تجي عند بيّك عَ “الدبور” ابيض أشقر متل الصوص”. ضحك واضحكني وراح يُخبر الجميع عن أهمية مجلة “الدبور” وتاريخها وعلاقته الوطيدة بعائلة مكرزل من خلال صديق عمره شكري انيس فاخوري، “ابن العمّة”. ومنذ ذلك الوقت لم نفترق، عشرات اللقاءات جمعتني بهذا المارد، ومئات المرّات تواصلنا لنتحاور حول مواضيع الساعة او لأستشيره دبّوريا، وفي أغلب الأوقات نلتقي عند شقيقي روجيه الذي كان على علاقة وطيدة معه.
رمزي الذي شجّعني وأقنعني بخوض مغامرة اعادة إطلاق “الدبور”التي كانت قد توقفت قسريا بسبب الحرب على لبنان، وظل يتابع مسيرتنا ويقيّمها حتى رحيله. كان يقول دائما “ورّطّك بس الدبور بيستاهل”.
تسويق غيابي!
هل خسر رمزي معركته مع كورونا كما كتب زملاء بكوا الانسان قبل المهني؟ لا اظن، حتى ولو لم يخرج منها حيا. لأنه بموته أرعبنا، وجعلنا نعي اكثر خطورة هذا الوباء، ونَجَح في إنجاز جديد وفريد من نوعه: “التسويق غيابيا” لضرورة الوقاية والتباعد وأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر لتفادي ومواجهة وباء كورونا… لذا نجح رمزي مرة جديدة حيث فشل الجميع..وسيخسر الوباء.
جوزف مكرزل