هل بدأ تقسيم لبنان؟
صغار القوم الذين يحكموننا يحاولون الغاء لبنان الجبابرة، لبنان اميل اده ورياض الصلح وبشارة الخوري وفؤاد شهاب وبشير الجميّل وغيرهم من الرجال الرجال الذين حلموا ببناء “وطن نهائي لجميع ابنائه” ودفعوا بحياتهم ثمن تحقيقه. صحيح ان المواطن لا يريد انهاء لبنان الحلم لكن زعماؤه يخدّرونه بالكذب والتخويف بهدف إلغائه كشعب واحد لصالح التقسيم الطائفي. لذا طغى الخطاب الفئوي على الانتماء الوطني.
اعتبر العديد من النواب المسيحيين ان قانون الانتخاب الجديد المطروح شيعيا “يُمهّد لمشروع تغيير النظام”. وفي قضية هروب السجناء اتهمت احزاب مسيحية وزير الداخلية بالتمييز الطائفي لتحميله المسؤولية للقائد المسيحي وتبرئة المدير العام السنّي. واتهم البطريرك الماروني الدولة بالإهمال “لأن المنطقة التي تضررت بانفجار المرفأ معظم سكانها مسيحيون”. هذا ولا يزال السنّة والشيعة على خلافهما الأزلي. الأصوات تعلو..الشك والتخوين يملآن النفوس والقلوب.. المتاريس الطائفية تُشيّد.. الخوف يزيد نسبة التسلّح.. فإن لم نتدارك الأمر اليوم سيكون من الصعب تفادي تداعيات الشرارة الأولى غدا.. الاّ ببناء “حيطان حامية”، وما أكثر “مهندسي” الجدران الفاصلة المحليين والدوليين.
الحزب انجز دويلته!
في وقت يصيح المسؤولون المسيحيون والسنّة من سطوحهم، يبني “حزب الله” دويلته حجرا فوق الآخر، ووصل الى مرحلة متقدمة بتهيئة اداراته من مؤسسات امنية، واقتصادية، واجتماعية، وتموينية، واستشفائية، لتصبح مستقلّة تماما عن الدولة اللبنانية. حتى انه ابتكر جهازاً مصرفياً كامل بما فيه بطاقات ائتمانية وآلاتATM لا تخضع لأي رقابة من خارج “حدوده الإدارية”. أي يمكنه، عندما يشاء، إقفال مناطقه وحماية “مواطنيه” من الآفات التي تنتظرنا من نقص بالمستلزمات الحيوية الأساسية. انه بكل بساطة “يؤمّن” جماعته في وقت “يبرّعط” الآخرون دون جدوى.
فهل يحذو باقي الفرقاء حذوه وتنتهي الجمهورية المركزية، ام يرفضوا التقسيم الذي تعوّل عليه دول عظمى بتفشيلها المبادرة الفرنسية؟ انهم بكل بساطة لم يحسموا قرارهم بعد.
جوزف مكرزل