Never again!
ما من إنتصار يأتي من حرب. وما من بطولة تأتي من إهراق دماء.
هذه مسلَّمة بإقنومين غير منفصلين، ما من عاقل يتبنَّى عكسها. وعلى عكس ما يحلو للبعض أن يتشدَّق به، فإنَّ الضمير العالمي فعل، والمجتمع الدوليّ حقيقة، ولو شابهما أحياناً إرهاق تقاعس.
أنا الذي من لبنان، أكثر من دفع ثمن إستشهادهما على تراب وطني، لست بمعرض الدفاع عن طوباويَّة.
أنا صرختي بوجه المدِّعين زوراً أنَّهم لبنانيِّون، فيلتحفون بأعلام شبه أوطان ليست لهم، للتباكي على ما يُرتكب على بعد أمتار من حدودنا المسيَّبة، وقد باعوا ما جرى في وطنهم بأسواق نخاسات أدهى الدول إحتقاراً للكرامة البشريَّة، ليغدوا أشدَّ المدافعين عن تدنيسها للبنان هويَّة وحضارة، وجوداً وحضوراً.
الى هؤلاء،
أتذكرون أنَّ من تتباكون على مصيرهم سبق أن تصرَّفوا بلبنان كأنَّهم أصحاب الأرض والسيادة، فدمَّروا وقتلوا وطمعوا بالاستيلاء على وطنكم بديلاً عن وطنهم السليب، وهم من أدخلوا شعبكم في حروب طويلة تخلَّلها إحتلالان متناسقان… ما إرتدعا في إبتداع طرق استعبادكم؟ أنسيتم حرب السنتين، مجازر الدامور وبيت ملَّات والقاع…، جولات إحراق بيروت وتمزيقها، وتهجير ابناء الجنوب، وحصارات زحلة، وتشليع الجبل، وجرف دور العبادة والسكن والإستشفاء والمدافن؟
أتدرون أنَّ من يزايد ضدَّ ما يجري اليوم كان شريكاً في مذابح أرتساخ قبل 3 أسابيع، حيث أقتلع نحو 120 الف مدنيّ من ترابهم ومقامات إيمانهم وعمرها الفي سنة ونيِّف؟
أتعرفون أنَّ من تكيلون لهم المدائح أعطوا، قبل سنة، لِمن تكيلون لهم اللعنات، من بحركم مساحة توازي 4 أضعاف غزّة، أو 40 ضعف مزارع شبعا، وأحيوا النصر بإتفاقيِّة إعتراف متبادل، حدوديَّة وتجاريَّة، أودعوها الأمم المتَّحدة؟
أجل! ليس بالطغيان يُقتل وطن هو للعالم الطريق والحقّ والحياة.
ولكن ليس بخيانته تُستعاد العدالة للعالم.
Never again، لا قطعاً لتكرار ذلك.
تلك صرختي. أين جرأتكم؟
غدي م. نصر