أحداثٌ آتية لا محالة.. والباقي هو رحمة الله!
ألعدّة أُعدّت للحرب.. ولكن هناك خشيةٌ بل تردّدٌ يتملّكه خوفٌ شديدٌ للدّخول في حرب إن كان من الجهة الأميركية وقد أنذرت أميركا ابنتَها المدلّلة من الانزلاق في حربٍ مع لبنانَ من جهة الشّمال الفلسطينيّ، جنوبي لبنان، أو من الجهة الأوروبية وحتّى من الجهة الإسرائيليّة، إلاّ أنّ هذه الأخيرة لن تُساوم على صيتِها وجبروتِها أمام دول العالَم ولو كان ذلك على حسابِ ارتكابِ مجازرَ أكثر وأكثر ولو أدّى ذلك إلى الإنزلاق في حرب شاملة إقليميّة ومن ثمّ عالميّة، بالرّغم من نقمة دول العالَم ضدّها. ببضعة كلمات: غدَت إسرائيل عبئًا على العالَم عمومًا وأميركا خصوصًا. وببضعة كلمات أخرى: مهما تجنّبت دول العالم الإنزلاق في حروب داخليّة أو أقليميّة أو بين الدّول، فهذا سيحدث لا محالة، إلاّ إذا أنصتت دول محاور الشّر لصوت الله ونداءات السّلام والتخلّي عن المصالح السّوداء.
لندخل في صلب التّحليل الصّادر من نبع من يخطّط ويسيّر جزءًا من البشريّة، وهو واحدٌ من عدّة عقول مخرّبة، وهو هنري كسينجر، والذي لمّح بشكلٍ شبهٍ واضحٍ خلال مقابلة أُجرتها معه الصحيفة البريطانية Sunday Times عام 2022 أنّ “أحداثًا كبيرةً قادمة في الشرق الأوسط” ولكنّه تجنّب ذكرَ بقيّةِ التّفاصيل. لماذا؟ وأين ستدور رحاها؟ أعلى الأرض السورية أم اللبنانيّة أم الإيرانيّة؟ عندما يتحدّث كيسنجر مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية الأميركي الأسبق والمُستشار غير المُعلَن للسّلطات الإسرائيلية عن “أحداث كبيرة قادمة في الشرق والأوسط وآسيا (الصين)” فهذا يعني أنّ منطقتَنا تقفُ حاليًّا على أبواب حرب، فهذا الرّجل أفنى عمره بالعمل على تأطير هذه المنطقة بحسب الإخراج الأميركي ويقف خلف ضرب الأمّة العربيّة وتمزيق صفوفها ووحدتها الإستراتجية ووراء اتفاقية كامب ديفيد. صحيح أنّه لم يُفصح عن مضامين هذه الأحداث خلال المقابلة، ولكن من المؤكّد أنّه وبعد وصول المفاوضات النووية في فيينّا إلى طريق مسدود، فهذا يعني أنّ حربًا ستقع بين الكيان الإسرائيلي وإيران، وقد تتمحور حول آبار النّفط والغاز المتواجدة في المياه الإقليمية اللبنانية ويريد صهاينة تل أبيب السيطرة علها. ولكنّ السّؤال، ماذا تجنّب كيسنجر قوله في هذه المقابلة؟ هل أنّ إسرئيل ستخرج خاسرة ومُهَمَّشة ومهزومة من هذه الحرب؟
بالتّوزاي مع ما يحصل في الشرق الأوسط والعالَم، ماذا يعني أن يُفاخر فلاديمير بوتين بالصّاروخ النووي العابر للقارات وهو صناعة روسيّة ويرجّح كفّة روسيا النووية؟ وماذا يعني تعاظم المحورين المتعاديين محور الغرب (أوروبا وأميركا) ومحور الشرق (روسيا والصين وكوريا الشمالية وعدد من الدّول الأخرى)؟ ماذا يعني التنافس المحتدم بين هذه الدول على البترول والغاز ومياه المتوسط الدّافئة؟ وماذا يعني التوتر الأميركي- الصيني المُتصاعد؟ وماذا يعني أن تقترح عدد من دول الغرب والشرق حلَّ الدّولتَيْن الفلسطينية والإسرائيلية وإيجاد حلّ آخر أكثر اعتدالاً؟ أليس لأنّ اليهود الصّهاينة لن يقبلوا بالتنازل عن أرض الميعاد وعن صيتهم المُعلَن بأنّهم شعب الله المختار، وسائر الشّعوب أدنى منهم مراتب؟
إدمون بو داغر