أرحتني يا سعادة السفير!
نصف قرن ليست بمدة كافية لكي نحكم على المسار الذي سلكته بلاد الشرق والخليج بعد أن نال البعض منها استقلاله، إما بالتحرير، وإما بالاتفاق مع الدول المستعمرة.
ثورات تسلّحت بالديمقراطية والجمهورية راحت تحكم باستبداد وطغيان وظلم، فتحوّلت بلادها الى شعوب بلا هدف ولا رأي، بلا مستقبل تعيش تحت إمرة حفنة من الرجال استولوا على المراكز الحسّاسة، تحكم بالسوط، الراعي بعصاه الغليظة، يتزيّن بالنياشين، والغنم تُساق الى الذبح مع كل فجر جديد وصباح مشرق.
نحن يا سعادة السفير، الجيل الثاني ركبتنا الفواجع، نعيش الاستغراب والأسئلة التي ابتعد عنها الجواب.
كنا ننتظر أعجوبة، نأمل بعد كل المآسي التي أضحكتنا وأبكتنا بانسحاب الظلام رويداً وبداية اطلالة نور الحق والعدالة والإنصاف حول شجر النخيل واللوز والزيتون.
لا للدين المتحجّر المتيبّس، الذي يحمل بيده سوطاً، نعم للإيمان الحقيقي، الذي يغفو على جلد السماء وأحلام مخدّتنا.
نعم لمشاركة المرأة للرجل في تحمّل المسؤوليات والمشاركة في اتخاذ القرارات وتحريرها من غفوة القوانين اليابسة، ألم تكن المرأة في عهد الرسول تمتطي الحصان؟!
ولأنك من الجيل الثالث يا سعادة السفير، اطمئن قلبي لما سمعته منك، بأن يكون للشباب الدور الرئيسي في بناء المستقبل.
وقد بدأ فعلاً يقتحم الأبواب حاملاً بيده مشعل العلم، وفي اليد الأخرى حرف، ريشة وقلم وإيمان ملوّن بالثلج الأبيض…
سعادة السفير…
سوف أدخل غرفتي، أنسى الماضي رغم عتبي وألمي وقهري وأبدأ معك الحلم الذي انتظرناه طويلاً.
جهاد قلعجي