أنينٌ متصاعد قبل وقوع المحظور!
جداراتُ الصّوت تئنُّ من بعيدٍ منذرةً بالطّوفان، ولكن هذه المرّة لن يتمكّن لبنان من إيواء معظم سكّان الأرض التي اقترب موعدُ مخاضِها. لا يتعجّبنَّ أحد من قولِنا إنّ لبنان سيكون الملجأ في الحرب الآتية على كوكب الأرض، ولكن ليس للجميع، لأنّ العديد من الدّول وسكّانِها طعنوه بالخلف وأسلموه إلى أيادي الأعداء ونكّلوا بشعبه ولوّثوا أخلاق حكّامه ودمّروا اقتصاده وحوّلوه إلى حلبة صراع شرق أوسطيّة بمباركة عالمية وغذّوا فيه الطائفية والأحزاب المتمرّدة. أمّا اليوم فقد جاء زمن السلام الذي سينعمُ به لبنان السّقيم بعد وقوع المحظور في الغرب والشرق (سوى لبنان) وهذا المحظور لم يكن يومًا على حسابات لا الأوروبيين ولا الأميركيين ولا أهل الشرق الأقصى ولا الشرق الأدنى. لقد اعتبروا أنفسهم دولاً بل أمبراطوريات لا تطأ أرضها حبّات الصواريخ والفتن وأنّها محور الكوب، وباقي الدّول ليست سوى ذرات تلعب في فضائها، بل تتلاعبُ هي بها.
إلعبوا بكرات النّار ما شئتم! فمهما بلغ ارتفاع حمم براكين الدول، لن تطأ أرض جبل لبنان المحصّنة من الجنوب حتّى الشّمال (باستثناء مدن حدودية سيطر عليها عملاء اللّحى والجبب السوداء). لقد حان وقت سقوط من لم يكن على قدر الاستحقاق لهذا اللبنان من الدّاخل والخارج على حدّ سواء. لماذا؟ باختصار لأنّ هؤلاء المدنّسين لم يتمكّنوا من تدنيس لبنان، ومعنى اسم لبنان باللغة السامية يعني التالي:اسم سرياني مؤلف من “لب” و”أنان” وتعني “قلب الله”. وهو مشتق أيضًا من كلمة “اللبنى” أي شجرة الطيب، أي اللبنان أو البخور، وذلك لطيب رائحة أشجاره وغاباته. ولا يمكن لأحد أن ينسى مهما علا شأنه، لبنان الذي احتضن المسيح وخرّج القديسين وتكرّس على اسم العذراء مريم. وحافظ على عناصر الاعتدال والانفتاح والتنوير الاجتماعي في زمن الهبوط التي فُقدت حتّى في أكثر الدول عراقة وحضارة وتطوّراً، بالرّغم من أنّ فئةً لا تستحق الاحترام تسكنُ هذه الأرض التي سُمّيت على اسم الله (من النخب والعامة على حدّ سواء). ولكن لا بدّ من تواجد الخونة في كلّ جماعة لأنّهم يؤدون خدمة نافعة للجماعة تكون مخفية عنهم، لأنّهم لو أدركوا أنّ مكرهم سيتحوّل إلى فائدة للجماعة لتلاعبوا به أيضًا. ومن هنا أُغمضت عيونهم عن الرؤية والبصر وعجزت عقولهم عن تلقّف الأمور على حقيقتها.
إدمون بو داغر