“أوّل دخولو شمعة طولو”!
نرجو أن لا يكون قد رحلَ فاسدٌ وجاءَ من هو أفسدُ منه.
لا شكّ أنّه لا يحقّ في هذه الأزمنة الحالكة والكالحة لرجلٍ متواضعٍ ومتعلّمٍ ومُثقل فهمًا وحكمةً وأخلاقًا أن يتسلّمَ منصبَ رئاسة حكومة، فاحتكرتها العصاباتُ(وبالجمع غير العاقل)، مع أقزامِها وأزلامها وسماسِرَتِها. وصدق الهاشتاغ الـHashtag الذي أُطلق عليهم على مواقع التّواصل الإجتماعي: #كلّن_يعني كلّن مورّطين #مافيات وحاكمين، وهذا يعني أنّ حكومةَ النّجيب كمثيلاتِها: حكومة تحاصص ومحاصصة و”حَصْحَصَة” و”مَصْمَصَة” ونصب وتنصيب وطمس للحقائق والفساد.
في المقابل، كلّ من ينتقد هذه الحكومة “المِسخ” ممّن يدّعي الإنتماء إلى المجتمع المدنيّ الثّائر فهو عَقوقٌ وكذوبٌ وبطّالٌ ولا نفع منه، لا بل أفسد ممّن ينتقدُهم، لأنّ ما اصطُلح على تسميتها بـ”الثورة” لم تفرز لغاية هذه السّاعة قياداتٍ متنوّرة وواعدة لمرحلة سياسيّة مستقبليّة تنتزعُ وبالقوّة وغصبًا وقهرًا سلطةَ المحاصصة من حكّام العار. هل لأنّها “ثورة” مزيّفة؟ أم لأنّ هناك مَن يرغبُ من “بتاع” الثّورة ارتشافَ بعض “الفواحش” السياسيّة على أطباق من فضّة؟ على أيّ حال، ثورة 17 تشرين خيّبت آمال الكثيرين، سيّما وأنّ الرّئيس الفرنسيّ اجتمع ببعض “القيّمين عليها” وعوّلَ آمالاً عليهم لعلّهم يفرزون قيادات قادرة على إدارة الشّأن العام اللبنانيّ وإخراجه من “جهنّم العهد” فخيّبوه وخيّبوا اللبنانيّين ولم يُفلحوا سوى “بالعُواء” والعويل والتنمّر، فزجّوا بنا أكثر فأكثر في الهوّة، وزادوا جراحًا على جراح.
لن نسمّيها حكومةً، لأنّ رئيسَها النّجيب سمّاها “فريقَ عمل”، وفريقُ العَمَل إمّا يكون متجانسًا في الفساد أو في “الآدميّة”، ولكنّ الكتاب غالبًا ما يُقرأ من عُنوانه، وهنا نقولها صراحة “أوّل دخولو شمعة طولو”: للتّقشف وتوفير المال وإعادة إحياء الخزينة المنهوبة، وعِوضًا عن استرداد الأموال المنهوبة، يدعونا هكتور حجّار وزير الشّؤون الإجتماعيّة وبالحُلّة الجديدة، إلى استبدال “الحفاضات” بالفُوَط” والمحارم “بالرّقع” العتيقة وإلى عدم شراء قناني المياه المعدنيّة والاستعاضة عنها بمياه “الحنفيّة”، و“زغرطي يا انشراح”!
إدمون بو داغر