أين النقابات؟
كانت الحركة النقابية والعمالية اللبنانية تضاهي الأحزاب تنظيماً وتأثيراً وسرعة في التحرك، واستقلالية في الرأي والقرار ووضوح الرؤية.
كان لها حضورها على صعيد السياسة الداخلية والنواحي الاقتصادية ولا سيما غلاء المعيشة والمؤشر الاقتصادي السنوي وما يستتبعه من تصحيح الأجور.وكانت تجتمع في أحلك الظروف في زمن الحرب الأهلية، محافظة على وحدتها في زمن الانقسامات.
لكن سياسة التدجين وتفتيت القوى الشعبية المؤثرة ووباء المذهبية والمناطقية والفساد والمحسوبية، طالتها، فأصبحت النقابة نقابات، والتجمع هيئات، والاتحاد اتحادات.
في هذه الفترة العصيبة الحالكة من تاريخ البلد، والمأساوية للناس الذين اغتصبت ودائعهم في المصارف، ومن لم يُصبح عاطلاً عن العمل، فهو يقبض نذراَضئيلاً من راتبه صار مع تقلّب سعر صرف الدولار والارتفاع الجنوني في الأسعار لا يُسمن ولا يُغني عن جوع!
وفي هذا الوقت والعاصمة بيروت ثكلى وجريحة وشبه مُدمّرة، ومئات الألوف أضحوا بدون مأوى، والجوع والمرض ووباء كورونا تضرب أطنابها.
فإننا نسأل عن النقابات التي خرجت من بين صفوف الناس ولم تعد، واختفت عن السمع والنظر، ما عدا بيان من هنا، وتصريح من هناك، ومؤتمر صحفي لرفع العتب بين الحين والآخر!
للأسف لن يقوم للعمال قائمة ما دام بين قادتهم من هم ليسوا عمالاً أو حتى موظفين بل أشبه بالمدراء التنفيذيين، يصلون إلى الاجتماعات والمظاهرات في سياراتهم الفارهة برفقة سائقين ومرافقين وحرّاس شخصيين، وتجد صورهم تتصدر المدعوين الدائمين إلى حفلات عشاء النافذين ومناسباتهم.
عبد الفتاح خطاب