إلى اللبنَنَة!
قَرنٌ وأكثر، وما من أحد تعلَّم. لا بل إنَّ المتسلِّطين علينا، بالوراثة والمال والسلاح، ما زالوا عند ثباتهم في أنَّ ديمومتهم لا تدوم إلاَّ بالحرب الأهليَّة وهي بأوجه عدَّة، وبإستيلادِ معالجاتٍ ظَرفيَّة مِن ثقبِ أيِّ تفاهم إقليميّ او دوليّ وهو أبداً على حساب لبنان.
مرحبا دولة، وأولى مقوِّماتها السيادة.
ومرحبا شعب، وأولى معطياته القرار.
قَرنٌ وأكثر، وما من تَذَاكٍ إلّا وراوغَ بِهِ طَرَفٌ مِن أجل إقتناصِ فرصةِ التغلُّب على الآخر. وكلاهما، بالمدوارة والمناورة، إستخدما الدولة والشعب في آن وقوداً للهيب:
هذا مع الوحدة العربيَّة، وذاك مع إستعشاق فرنسا.
هذا مع المدِّ الناصريِّ، وذاك مع حلفِ بغداد المتَأمرِك.
هذا مع البعثِ، وذاك مع التغرُّب. هذا مع الفلسطينيّ جيشاً له، وذاك مع الإسرائيليِّ طارداً للفلسطينيّ.
هذا مع إستجرار النكايات العَرَبو-عروبيَّة، وذاك مع المزايدة الفرنجو- إفرنجيَّة.
هذا مع إحتلالات المُمانَعة السوريِّو- أيرانيَّة، وذاك مع المباهاة بوهَّابيَّات خليج العَرَبو- إنفتاحيَّة.
قَرنٌ وأكثر، والإنقسامات تَستَنسخ حروباً أهليَّة تستولدُ تنازلاتٍ موجعة، وتراكماتٍ مُهينة،وإنهيارات شموليَّة.
اليوم، تبدَّلت اللعبة. لا من سأم اللاعبين- المرتزقة خُدَّامِ أيِّ محور وقد باتوا أسراه، بل من مَلل العالم بأٍسرِه الذي باتَ لبنان بالنسبة إليه عبئا وجوديَّاً، وخَطراً يبدأ بتهريب المخدرَّات ولا ينتهي بقنبلة موقوتة تُشظِّي كثيرين متى تنفجر:هو معزولٌ إقليميَّاً ودوليَّاً. والمسؤولون الدوليُّون والإقليميِّون ما عادوا يتوانوا عن تأنيب زويعيميه- مرتزَقَتَهم عَلَناً، من الرئيس الفرنسي إلى الحبر الأعظم، إلى الأمين العام للأمم المتَّحدة، إلى عميد السلك الدبلوماسيّ،إلى وزير خارجيَّة الكويت حاملِ مبادرة “إعادة بناء الثقة”، “خليجيَّاً، وعربيَّاً، ودوليِّاً.”
جميعُهم يريدون لبنان “أيقونةً” لا مَمسحة.
غير ذلك، “قد يتعرَّض للزوال”، على حدِّ إعترافِ البابا فرنسيس.فهل قابَلَتهُم جميعاً لحظةُ وعيٍ لبنانيٍّ واحدٍ تتمثَّل بإستعادة السيادة للدولة والقرار للشعب؟
بعد قَرنٍ وأكثر، بذلك تكونُ اللبنَنَة الحقَّة، لأوَّل مرة، فيبقى لبنان.
غدي م. نصر