استقلال بلا رجال!
بأي عين تقفون أمامه! تحملون شعلة الموت الذي أسميتموه استشهاداً، وباقة غار وتقفون أمام جسده المريض المحتضر، تلقون الأشعار وتستعرضون قوّة الجيش الذي يحارب بلا سلاح وتستكترون عليه اللحم والدجاج. تصعدون على المنابر توجّهون الرسائل وكأنكم أصحاب القرار وكأنكم حماة الاستقلال وكأنكم في الصفوف الأمامية في حرب الدفاع عن الأرض وكأن لكم شرف وكرامة! وكأن كراسي المسؤولية على قياسكم، وكأن البذّة التي ترتدون هي ما يجعل منكم رجالاً لألسنتهم شرف الكلام عن الاستقلال. وهم من باعوه من أجل كرسي ليصبحوا رجله!
ملفات وملفات من الفساد والصفقات تُفتح بغضّ النظر عن دوافع فتحها ومن يقبض ليستعرضها، الوثائق حقيقية وما من قضاء تحرّك وما من أحد أُوقف أو تمّت محاسبته. عن أي استقلال تتكلّمون وبأي وطن تحتفلون؟! هؤلاء الذين بذلوا أنفسهم في سبيل أرض انتموا إليها وأخلصوا لها فارتوت من دمائهم، اليوم يخجلون من التاريخ الذي تكتبون يا خونة الوطن والاستقلال والأرض والشعب! عن أي استقلال تتكلّمون وبأي عَين تنظرون الى من دمّرتم بيوتهم وعائلاتهم ومصادر أرزاقهم وحاضرهم وماضيهم وذكرياتهم ومستقبلهم ومن دون تحديد أي مسؤولية اكتفيتم بمجرّد مسرحيّة أسميتموها “تحقيق”! وماذا لديكم لتقولوا لأمّ ودّعت ابناءها الذين هاجروا بحثاً عن هويّة وانتماء؟! بأي استقلال تحتفلون ونحن ننتظر موافقات خارجية ونستعطي شفقة دولية ليتحدد مصيرنا! بأي عين تقفون أمام هذا الوطن الذي أفلستم وفجّرتم ونهبتم وعلى أشلائه أقمتم المزادات؟!
إذهبوا واطمروا أنفسكم، إخجلوا واستتروا، استقيلوا واختبئوا في دهاليزكم التي لا تنتهي، اطلبوا مِن مَن بعتم لهم الوطن حمايتكم وإن متّم فتأكدوا أن ما من أحد سيرثيكم! إن يوم مماتكم سيكون يوم ولادة الوطن! ونحن سنحارب ونناضل لنعيش فنشهد على ذلك اليوم!
اليانا بدران