الاعتكاف أو مزبلة التاريخ!
ساد الاعتقاد أن الشعب اللبناني ظاهرة صوتيّة و«فيسبوكيّة»، يفُورُ في كلّ مرّة ثم يخمُد، يتمخّض الجبل ولا يلِد حتى فأراً!!
لكن عشيّة الخميس 17 تشرين الأول 2019، طفح كيل الناس وفي طليعتهم عنصر الشباب الذي لم يعد يثق بأحد ولا يرى أفقا يضع حداً لمعاناته. وأثبت الشعب أنه يستطيع التحرك عندما تتحرر إرادته، وأن ما يجري ليس مؤامرة بل هو غضب عارم وانتفاضة تتخطى الطوائف والمناطق والانتماءات الضيّقة!
أولى نتائج الانتفاضة كان استيقاظ وتحرّك جزء من الأكثريّة الصامتة، وتحرُّك الشباب بشكل مباشر من أجل مستقبلهم وآمالهم وطموحاتهم، وبدء سقوط المُحرّمات (Taboos) التي تلازم هالة الزعماء والمرجعيّات وحيثيتهم!
لكن هل ستُدرك السلطة أن عمليات «بوتوكس» تجميل وجهها السياسي لن تجدي وأن الأوان قد فات، وأن الناس لن تقبل تسوية وصفقة جديدة بين أطرافها.
هل ستُدرك السلطة أن الشباب المُنتفض لم يعد يثق بها وبوعودها، ولن يرضى إلاّ بالمُساءلة والمحاسبة والتغيير، وأن سقف الناس أصبح أكثر ارتفاعاً بكثير من محاولات الترقيع والترضية والتسويات السياسية!
هل ستُدرك السلطة التي تجاهلت طويلاً مطالب الشعب أنها لن تنجح في أن تركب موجته وأن تستثمر التظاهرات الشعبيّة المطلبيّة!!
هل ستُدرك السلطة انها بمناوراتها قد تلجم التحرك إلى حين، وقد توقع بين أطرافه، وقد تُساعدها ظروف تفشي وباء كورونا، ولكن لا بّد من المحتوم.
كلمة أخيرة … المعادلة الوحيدة المقبولة والعادلة: السُلطة بكامل مكوناتها إلى الاعتكاف والتقاعد السياسي الاختياري، وإلاً إلى العزل القسري ومزبلة التاريخ … ونقطة عالسطر!!
عبد الفتاح خطاب