التراجيديا الألهيّة!
(هي دمعة-تحية... لا مقال)
“لقد اختار الله إبنتي… ليزيّن بها السماء!” بهذا تكلّم والد احدى شهيدات جريمة تفجير مرفأ بيروت، عشيّة الذكرى الأولى للفاجعة.
أجل! 750 عاماً بعد “الكوميديا الألهية” لشاعر ايطاليا دانتي، التي روى فيها انحداره الى جهنم فالمطهر فالسماء بحثاً عن حبيبته التي خطفها الموت، فكانت تحفة الانسان الباحث عن الله، ها هو الله يسطّر “التراجيديا الألهيّة” راوياً انحداره الى لبنان بحثاً عن الانسان، في وطن غدا مطهراً فجهنماً، بعد أن كان سماء.
صُدِمَ الله بحجم الجريمة بحق الانسان، عكس دانتي المنبهر بحجم الحق في الخليقة. كيف لا، وهنا من تجرأ على تدمير عاصمة على من فيها، مطمئناً الى الأفلات من العقاب.
في السماء، وجد الله الضحايا والجرحى والمتضررين والمشردين والمنفييّن في وطنهم يريدون الحقيقة ومعها عدالة الارض والسماء، لا للإنتقام بل من أجل الحياة.
في المطهر، تزاحم اولئك الذين ما زالوا يقامرون بالدماء للحقن ويتاجرون بالآلام للاستثمار، إرضاء لضغائنهم. وفيه، وجد القيّمة على العدل، المستترة في أكثر اللحظات حراجة، تتغنّى بافتتاح “قاعة ضحايا 4 أب” في قصر العدل، المحجم عن الحق.
امّا في جهنّم، فتسابقٌ لأفراد منظومة النيترات وزمرهم، وهم جميعاً “كانوا يعلمون”، على ما إطلع الله في تقارير المنظمات الدوليّة. وهو العالِم مسبقاً بما قرأ، ذُهِل إذ طالعته تصاريح هؤلاء المجرمين المنمقّة بأقلام مستشاريهم، وقد تستّروا خلفها بخبث المراوغة. وها بعضها:
- “لن تطمئن أنفس الشهداء وترجع الى باريها راضية مرضية، الّا بإحقاق الحق…”
- “الحقيقة آتية ومعها القصاص العادل لكل مسؤول…”
- “لا عدالة من دون حساب… ولا حساب من دون حقيقة…”
كاد الله ان يفقد صوابه من الدجل، فصرخ: “لا! لن أدع احداً يسرق أحلام اللبنانيين! لا تحيةً لشاعريّة دانتي… بل لدمعة وطن، هو “لبّ-أنان” اي قلب الله!”
غدي م. نصر