الحرب العالميّة الثالثة! هل لازلنا في حالة إنكار؟
أمسَكَ يومًا الفيلسوف اليونانيّ ديوجينوس (وهو الذي عاش حياته كلّها داخل برميل) قنديلَه في وضح النّهار وأخذَ يجوبُ في الشّوارع والطّرقات. فبدأ النّاس ينظرون إليه ويضحكون منه استخفافًا لأنّه يحملُ قنديلاً في ضوء الشّمس ليُفتّش عن أمرٍ ما! وعندما سألوه: “ماذا تريد؟ وعن ماذا تفتّش؟” أجابَهم الجواب الشّهير الذي لا يزال يصدحُ حتّى اليوم: “إنّني أبحثُ عن إنسان”.
أجل، كان ديوجينوس محقًا عندما كان يبحثُ عن إنسان، وما أندرَ الانسانيّة في زمننا الحاضر، حيث طغت عليها مشاعرُ جامحة ومفترسة لا تمتّ إلى الأنسانيّة بأي صلة.
تتجّه الإنسانيّة بأعمال الشر التي تبنّتها نحو هاوية سحيقة يومًا بعد يوم! وهذا ما يظهرُ جليًّا من خلال أعمال البشرية في دول العالم من تهديدٍ بالسلاح النووي وبيع الأسلحة وتصنيعها على نحوٍ غير مسبوق. وقد أعلنها دونالد ترامب بلسانه: “الحرب العالمية الثالثة لم تكنْ أبدًا أقرب ممّا هي عليه الآن”. وتوازيًا أعلنَها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: “الصراع المباشر بين روسيا والناتو سيعني أنّ العالَم أصبح على بُعدِ خطوة من حرب عالميّة ثالثة”. وعلى المنوال نفسه يُعلنها الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن: “دعونا نفهم ولا نخدعْ أنفسَنا، مهما قلنا فإنّها تُدعى الحرب العالمية الثالثة”.
كم هي مُرعبة تلك الكلمة! الحرب! إعلام دولي وتحديدًا أميركي وروسي أعلنها رسميًّا: نحن في بداية حرب عالميّة ثالثة، ولكنّنا في حالة إنكار. هل يُمكن أن تبدأ الحرب العالميّة الثالثة من دون أن يُدرك سكّان العالم ذلك؟ للأسف نعم! هذا تمامًا ما حدثَ في الحربَيْن العالميَّتَيْن السّابقتَيْن؛ فقد أُطلق على الحرب العالميّة الأولى حتى عام 1916 حرب أوروبّا إلى أن تورّطت الولايات المتّحدة الأميركيّة بها وأطلق عليها مذ ذاك الحرب الكبرى. وبعد ذلك عرفت البشريّة حربًا ثانية كُبرى، ولم تُعرَف أنّها حرب عالمية ثانية حتّى بدأ هتلر باجتياح فرنسا في ربيع عام 1940، ولهذا تُعرف الشهور الأولى لهذه الحربين “بالحرب الكاذبة”، فهل نحن اليوم في مرحلة إنكار؟
لنتأمّل جيّدًا ما يحدث في العالَم، ولنقرأ جيّدًا علامات نهاية الأزمنة على ضوء ما يجري من زلازل أمنية في العالم!
إدمون بو داغر