العرّاب وحروب الإلهاء!
لو قُدّر لفرانسيس فورد كوبولا ان يُخرج جزءًا جديداً من “العرّاب”، لما وجد أقوى ممّا يجري في لبنان، وإن كان يُخشى عليه ان يضيع في كثرة من سيجده أهلاً للقب، بالنظر الى تداخل هذه الكثرة المتآمرة بعضها ببعض.
فمن مرجعيّات دينيّة تصاب بالذهول من واقعة قضائية، متستّرةً بحجاب التعرّض لملكيّة فرديّة تمّ خلع بابها. ولم تصبها ولو دهشة عابرة لا من النهب الموصوف لودائع المواطنين وقد جنوها بعرق الجبين والتعب اللامتناهي، فباتت لديهم اغلى الممتلكات الفرديّة لتعليم ابنائهم في معاهد تلك المرجعيّات او لاستشفائهم في مراكزها الطبيّة، ولا من تراكم خطايا طبقةٍ–وهذه المرجعيّات باتت منها وركن حمايتها، وإن إدّعت زوراً الثورة عليها،اوصلت امّة- رسالة الى الزوال…
…الى من اصابه الذهول حدّ الاستفراد بالعزّة الإلهية، فصار ناطقاً بإسمها وأمين حزبها وأشرف افعالها، وامتلك جيشًا واقتصادًا ونظامًا مصرفيًا، وسيطر على مؤسسات الكيان، مدمّرًا اياها. وانتهى بمحو حدود الوطن،لأغراق العالم بالرذيلة وتهريب الممنوعات والاستقواء بالسلاح، مدّعياً فرض توازنات الرعب والإرعاب، وقراره لا من عنده بل في ولاية فقيهٍ يتجاهر بالسيطرة على اربع عواصم عربية.
ألن يصاب كوبولا بالذهول من تداخل ذهنيات الاستتباع هذه، وتشابك مصالحها، وإتقان قّسّمها بالباطل فوق مذابح الأله الذبيح والشعب اللبناني الذبيح؟
ألن يصاب بالذهول من حرفية اعتصامها بادّعاء الحق، وهي تمعن في حرمان شعب بأسره من مجرّد حقّه في ان يُسمًى ضحيتها؟
ألن يصاب بالذهول من تضامنها في القضاء على مقومات وجود وطن، بعبادة ذواتها ودسائسها القاتلة وارتهاناتها الخارجية، فيما تتسربل بسِمات الطهر وادوار البطولة؟
جميعهم عرّابون! وغوايتهم الهاءنا، لأنّ ادراكنا يفضح عريهم، فنكتشف انّهم امام المشاريع التي تُرسم للبنان والمنطقة، هم أقّل من ادوات ثانوية.
مذهول انا، كيف لا زلت أكتب، ولم احوّل بعد قلمي خنجراً، به أطعن من يبتغي إبادتي، فيُحيّي دمُ قلمي وطني وأهله!
غدي م. نصر