العهد المتجدد
للمرة الأولى في تاريخهم، يقف المسيحيّون اللبنانيّون وسط حطام كامل لما بنوه بالتضحيات الغوالي لأجيال.
فالوطن الذي ارادوه، لهم وللمضطَهَدين مثلهم من اي دين، درّة المشرق، وجامعته ومطبعته، وفكره، ومصرفه ومستشفاه، وريادته الحضارية…، انهار مع انهيار اخر حجر من اخر دار في بيروت: من حروبهم لأجل الآخرين، مروراً بحروب الغائهم لبعضهم البعض، انتهاءً بانفجار ذاك الصيف اللاهب الذي قضى معه على وطنهم. وطن الدور والرسالة.
وبعد. هل من قيامة؟
ان تكون مسيحيّاً يعني ان تؤمن، عند كل فناء او إفناء، أنّ القائم من الموت جدّد بموته وقيامته الخلق، وما عادت تالياً للموت كلمة النهاية.
وان تكون مسيحياً، لبنانياً، يعني، بعد موتك الجذري هذا، ان تخطّ من جراح استشهادك، وبني إيمانك، عهداً جماعياً متجدّداً مع الحاضر والمستقبل، على أسس لا غنى عنها، وهي:
- تجسّدكم، كمسيحيين لبنانيين، في هذه الأرض ومنها في المشرق، بواسطة طاقاتكم الحيّة، فكراً وعيشاً وثماراً أولّها الحرية وهي تحرّر.
- ارتقاؤكم الى المصالحة مع الذات، والتخلّص من عقد العدد والخوف والغبن والاحباط التي اغرقكم فيها من زعمّتموهم عليكم فبل اخصامكم.
- ايمانكم انّ زمن الكنيسة العرش والزويعم الكرش، المؤلّه وذرّيته، لترؤس مآتمكم واعراسكم ومآدبكم على حساب استعبادكم بالخبث والاجرام او اتفه الخدمات…انتهى.
- ادراككم انّ قوتكم تنبع من ذاتكم، لا من حمايات اجنبية، ولا من قوى عسكرية ذاتية افنتكم وما حمتكم، ولا من تحالف اقليات مع ديكتاتوريات افضت الى ارتهانات اين منها تلك التي اقنعوكم القضاء عليها، ولا من تفاهمات عكس مسار المنطق.
- اعادة صياغة دوركم الحضاري انطلاقا من اقتناعكم انكّم في لبنان اصيلون لا طارئون، وقد اختارتكم العناية، هنا والآن، من اجل اعطاء معنى لحياتكم وحياة الآخرين. وهذه رسالتكم.
عهد لبنان المتجدّد يقوم برجال دولة، بفكر دولة، وطاقات دولة… او لا قيامة ابداً للبنان!
غدي م. نصر