الغضب!
كيف يعبّر الشعب اللبنانيّ، أو ما تبّقى منه، عن الغضب المقدّس بعدما إبتُلي بكافة اشكال الجرائم بحقّ الإنسانيّة؟
هو شُعيب مُستَسلِم، راضخ، يرتضي إهانة الله ومرسليه ولا أن يخدش أحد مُحيّا أسياده مِمَّن سلَّطهم عليه وعلى أبنائه من بعده.
كيف يغضب، وهو خانع أمام من إعتلى منبر القصر الجمهوري ليتبجَّح وقحاً: “نحن أسياد هذا البلد”، وقد أسبق حُكمَه هذا بحقِّ الآخرين مِمَّن يُفترَض أنَّهم إرتضوه شريكاً في الوطن: “اللي مش عاجبو يفرجينا عرض كتافو”، و”يدق راسو بالحيط”؟
كيف يغضب، وهو هانىء بإقتباس دور الآلة المِطواعة المُدَارَة بكبسة يد جعلته لا متسَّولاً فحسب بعدما إنتهكت كراماته، بل وقوداً مُلتهباً لمشروعٍ مًضادٍ لطبيعته وروحه؟
كيف يغضب، وهو متهالك على كسب رضى مصارف نهبته وسرقت جنى اعماره، يركع راضياً أمام تعاميم غبِّ الطلب تشحِّذه حتى فُتات معاشه آخر الشهر، وهو أدنى حقوقه، بعدما حوّلته إلى مجموعات ذئاب جائعة؟
كيف يغضب، وهو المُتَظاهر باللامبالاة يملأ مراتع السهر عربدةً، مُغتَصَبٌ يلتزم باطناً فروض الطاعة لمغتصبيه من عصابات مافيويَّة إستباحت مقدَّساته، بفعل أمرٍ حوّله جماعاتِ كلابِ حِرَاسةٍ مَشهودٍ لها فقط بفروض الطاعة؟
كيف يغضب، وجزءٌ منه عازلٌ للبقيَّة وقاهرٌ لها بإنتصاراته الإلهيَّة، وجزء آخر يفاخر بالتظاهر رفضاً لأخذ لقاحٍ ضدَّ جائحة عالميَّة، مدجَّجأ بتماثيل القديِّسين، بحجَّة “مقاومة النظام العالمي الجديد وحكومة الأشرار العالميَّة”… الى ما هناك من ترّهات لا من نَسجِ أوهام بل أبعد من تخيّلات مشعوذين وهلوسات مهلوسين؟
كيف يغضب، وهو مستعِدٌّ في أيِّ لحظة أن يبيع دمه، أغلى ما أعطي من فوق، -وقد بذل القدير نفسه جسده ودمه من أجل إستعادة الكرامة البشريَّة بهاءها وسيادة حرَّيتها-، فداءً لذاك الذي يتفتّق بالهتاف له: “بالروح، بالدم، نفديك يا…” وهذا الـ… هو مُرسِلَه الى جهنَّم؟
برتولت بريخت على حقّ: “يجب حلُّ الشعب”!
غدي م. نصر